بلداننا الخليجية اليوم بفضل من الله عز وجل تتصدر مؤشرات التنمية البشرية على مستوى العالم، بينما مَنْ يناصبنا العداء غارقون في مستنقع الكراهية والحقد، وتمني زوال ما وهبنا الله سبحانه وتعالى من النعم والخيرات الوافرة. وبالرغم من صعوبة حياة الصحراء، بلهيبها الحارق، ومائها الشحيح لم يكن أجدادنا الماضون متذمرين من أسلوب حياتهم القاسي، أو حاقدين على ما كانت عليه الدول الأخرى من نعم واستقرار، ولعل هذه النوايا الطاهرة كانت سببا فيما وهبنا الله من رغد العيش، وبحبوحته.. هذا الماضي الذي أحاطت به القسوة من كل جانب، من قلة المال وتفشي الأمراض والموت، لم نعامله على أنه وصمة ينبغي أن تُنسى، وعار نطأطئ من أجله رؤوسنا، وندسها في التراب كصنيع النعام.. بل نذكره كما وقع، بما فيه من صعوبات، ونفاخر به بنقصه وعثراته، ولا نتنكر له ونجحده، بل نكتبه في مناهجنا الدراسية ليستقر في أذهان الأجيال، ونعلقه على جُدران بيوتنا ومؤسساتنا صوراً وذكريات بلا حرج ولا إنكار.
بلداننا الخليجية كانت -وما زالت- سنداً لكل محتاج، نقولها حكاية للواقع ورسما للحدث لا منًّا ولا أذى، والأرقام تشهد بذلك، مُنطلقنا شيمتنا العربية الأصيلة، التي تحتم علينا مساعدة الغريق، وعون المحتاج، ونصرة الملهوف، والتاريخ شاهد صادق على كثير من المواقف الرائدة الواعدة، التي وقفتها دول مجلس التعاون الخليجي مع الكثير من الدول وشعوبها حتى وإن أبدى بعضهم غير ذلك، وأنكر ما لا يُنكر، فنور الشمس لا يُغطّى بغربال، ولا يؤخذ من حسود ولا كاره قولا حقا، ولا يعود كلامه عليه بخير حتى يغير ما في نفسه..
وهكذا مَنْ كان في نفسه شيء من أدواء القلوب، يسوؤه ما يراه من النعم عند غيره، وربما تمنى زوالها، وبلداننا الخليجية تنعم بالخيرات والتطور المُطرد، بفضل الله ثم بفضل حكامنا وقادتنا -أطال الله في أعمارهم-، الذين يسعون جاهدين إلى تأليف القلوب حتى كأنها خُلقت في جسد واحد، على أرض واحدة، يحبُ كل واحد منا للآخر أكثر مما يحبه لنفسه، ولا نزال بفضل الله في تصاعد ونمو، نزداد في كل يوم بسطة في المال والفضل والخيرات.. لا نلتفت إلى كلام المحبطين، ولا نسخر مما آلت إليه بلدانهم من خراب وشقاق وجدال. نقف حجر عثرة في طريق مَنْ يتطاول على بلداننا وشيوخنا وأصالتنا الضاربة في ذاكرة التاريخ، تسجيلا لموقف ثابت راسخ في جذور تاريخنا كثبات الجبال، وأصيل كأصالة الرمال، التي احتضنتها صحراؤنا بكل فخر واعتزاز.. نتسامى بماضينا ورجالنا، ونترفع عن حاسدنا وعدونا، ولا نزيد شيئا على ما كتبته الحقيقة نفسها، ودوّنه الماضي بريشته الذهبية، وتوارثته الأجيال جيلا بعد جيل، ونطق به القاصي والداني، وشهدت به شتى البقاع، مواقف مشرّفة، وأموال نافعة، وآثار باقية، لا تمحوها الكلمة الهزيلة، والمشاعر الدنيئة، والأغراض الرخيصة. إنه قلم التاريخ، وقلم التاريخ لا يكذب أبدا، وفم الحقيقة، والحقيقة لا تعرف زورا، ولا تُثبِت إلا الحق.
[email protected]