وبحسب التقرير السابق لمنظمة العمل فإن أكثر العاملين المتأثرين من ارتدادات الأزمة هم في أربعة قطاعات هي: قطاع الغذاء والفنادق (144 مليون عامل)، قطاع البيع بالجملة والتجزئة (582 مليونا)، قطاع خدمات الأعمال والإدارة (157 مليونا)، وقطاع التصنيع (463 مليونا)، وتشكل تلك القطاعات مجتمعة ما نسبته 37.5% من التوظيف العالمي.
وفي تقرير آخر للمنظمة صدر في يناير العام الحالي يؤكد على الضرر الكبير الذي لحق بأسواق العمل في عام 2020، وأن هناك نحو 8.8 بالمائة من ساعات العمل العالمية فقدت خلال 2020 (مقارنة بالربع الرابع من عام 2019)، أي نحو 255 مليون وظيفة بدوام كامل، وهذا يعادل تقريباً أربعة أضعاف الخسارة المسجلة في الأزمة المالية العالمية لعام 2009.
وكان هذا التقرير الحديث لمنظمة العمل الدولية مسهب في التفاصيل لبيان العقدة وامكانية حلها في سوق العمل، فهو لم يلقي باللوم الكامل على الو ضع الذي تسببت فيه جائحة كورونا بل إن سبب هذه الخسائر إما تخفيض ساعات عمل الذين مازالوا يعملون أو الارتفاع "غير المسبوق" في عدد الذين فقدوا وظائفهم، والبالغ عددهم 114 مليون شخص.
وحددت القطاعات الأكثر تضررا وهي الفنادق والمطاعم، حيث انخفض عدد الوظائف فيها بأكثر من 20 بالمئة، يليه تجارة التجزئة والتصنيع.
في المقابل ازدادت أعداد الوظائف في قطاعات كالإعلام والاتصالات والبنوك والتأمين في الربعين الثاني والثالث من عام 2020. كما سُجلت زيادات بسيطة في الصناعات الاستخراجية والمرافق العامة، ما يعطي توازن نوعي في سوق العمل، وما يؤسس الى انتقائية وانتقالية في الوظائف في المستقبل.
ولعل أكثر ما لفت انتباهي في التقرير بأن نسبة 71 بالمئة من خسائر الوظائف لقرابة 81 مليون شخص، حصلت بسبب "الخمول" وليس البطالة، أي أن الناس تركوا سوق العمل لأنهم غير قادرين على العمل، إما بسبب قيود الوباء أو ببساطة لأنهم توقفوا عن البحث عن عمل، وجاء في التقرير "والنظر إلى مؤشرات البطالة وحدها يقلل بشكل كبير من تقديرات آثار كوفيد-19 على أسواق العمل".
لا افهم لم يشير تقرير دولي الى مثل هذه الاشارات؟ والناس الذين وصفهم "بالخمول" انما هم خاضعين لاحترازيات ملزمة لتفادي الاصابة بالوباء المتجدد والمتفشي، فالوضع كله قد تسببت فيه الجائحة ولا يمكن لوم الناس فيها.
بالطبع فأن مآل الحال ادى الى انخفا ض الحركة او ما سماها التقرير بالخمول له وقع ضرر آخر اذ ان كل تلك الاثار تسببت ايضا إلى انخفاض دخل العمل العالمي بنسبة 8.3 بالمئة (قبل إدراج تدابير الدعم)، أي ما يعادل 3.7 تريليون دولار أمريكي أو 4.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
النسبة العالمية بالطبع تعتبر نسبة عالية ولكنها بالتأكيد متوافقة مع حجم الكارثة ونوعها والتي اصابت العالم أجمعه وادت لشلل بعض القطاعات بالكامل في العالم، وبحسب التقرير فقد تضررت النساء أكثر من الرجال فقد خسر 5 في المئة من نساء العالم وظائفهن مقابل 3.9 في المئة للرجال.
كما تضرر العمال الأصغر سناً أكثر من غيرهم، إما بخسارة وظائفهم أو مغادرة قوة العمل أو تأخير الالتحاق بها، وعليه فقد خسر 8.7 في المئة من الشباب (بين 15-24 سنة) وظائفهم، مقابل 3.7 في المئة للراشدين. ويقول المرصد الخاص بالمنطمة إن هذا "يكشف مخاطر حقيقية جداً بنشوء جيل ضائع".
بالضبط، هو وصف محكم "جيل ضائع" هم الاجيال التي "بدأت" أو "انتهت" خلال الجائحة سواء في التعليم او العمل، تلك الاجيال على الارجح يلزمها الكثير لتدرك الدخول وفق انظمة القوانين في القطاعين المذكورين بالذات، ما يكلفها كثيرا هذا الضياع.
hana_maki00@