تناثر الصخب...
صار كل مكان مملوءا بالتوجس والحذر والريبة.
عندما انفجرت ثلاث طائرات في برجي مركز التجارة الدولي في مانهاتن، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية المعروف باسم البنتاجون، بينما لم تُحدّد التحقيقات الهدف الذي كان يريد خاطفو الطائرة الرابعة ضربه.
عندما تدفق التوجس... كنت أنا ومجموعة من الطلاب العرب نسكن وسط المكان!!
بدأ عدد من الطلاب بالرحيل بعدما سمحوا بالسفر.
بعضهم أكمل دراسته في لندن... آخرون اتجهوا إلى كندا... منهم من توجه إلى عدد من الدول العربية والأوروبية... البعض غادر إلى بلاده طاوين صفحات الحلم الأمريكي.
أنا بقيت في سان دييغو حتى أتبع حلمي رغم ألمي.
•• في خضم هذا الجو الساخن... اختفى طالب خليجي كان يدرس معنا في معهد اللغة الإنجليزية!!
خشينا أن يكون ضحية انتقام أمريكي من الهجمات... بحثنا عنه في الأماكن التي كان يتردد عليها فلم نجده!!
مضى الوقت دون أن نعرف سر اختفائه... ذهبنا إلى فندقه فلم نجده. أبلغنا موظف الاستقبال بالخبر وطالبناه بفتح الغرفة فقد يكون ميتا فيها... فتح الغرفة فلم نجده!!!
كنت أبحث عنه أنا واثنان من جنسيته. (صعقتنا) الحيرة من هذا الاختفاء.
اقترحت على من هم معي في رحلة البحث أن نتصل بقنصل بلاده ليساعدنا في البحث عنه.
المصيبة أنه لا يعلم شيئا عنه!!
أين ذهب... أين اختفى... ما هو مصيره؟؟!!
•• ترددت علامات الاستفهام وتعالت فوق رؤوسنا؟!!
بعد أسبوعين من الحيرة والبحث المضني اتصل بي القنصل وقال لي: وجدنا صاحبك.
صرخت: أين؟!
قال لي: في السجن على الحدود المكسيكية!!
ذهبنا إلى السجن ولم أستطع الدخول لأنني في ذلك الوقت لم أكن أملك بطاقة تعريف أمريكية.
دخل صديقاي وبعد عدة دقائق كانت في داخلي ساعات طوال حارقة... خرجا، وفي السيارة قالا لي إنه لم يكشف لنا سر سجنه لكنه، طلب أن نذهب إلى مكاتب الكفالات في "الداون تاون" لندفع الكفالة ونخرجه من السجن حتى موعد محاكمته.
ذهبنا إلى أحد هذه المكاتب فقال لنا إنه يجب عليكم دفع عشرة آلاف دولار لإخراجه.
•• اقترحت على أصدقائي الاتصال بالقنصل في لوس أنجلوس لعله يجد حلا وبخاصة أننا لا نملك عشرة آلاف دولار لدفعها كي يخرج.
قلت للقنصل: نستطيع دفع المبلغ من خلال جمعها من أصدقائنا وزملائنا.
طلب منا القنصل وبشكل حاسم عدم دفع المبلغ لأننا لو دفعنا فمن الممكن أن نتورط معه في القضية.
عدنا إلى موظف المكتب وسألناه عن سبب سجن صديقنا، فقال بوجه بارد: حيازة وتوزيع مخدرات!!
•• مستحيل!!!!
نحن نعرفه جيدا... إنه لا يدخن حتى سيجارة عادية.
ظللنا على حيرتنا حتى أخبرنا أحد الذين كانوا يترددون على الفندق الساكن فيه أنه ظل يطلب من فتاة أمريكية جميلة أن تذهب معه، فوافقت بشرط أن يحضر لها سيجارة "ميريوانا" في "الداون تاون"، وبعد تردد، وافق!!
ذهب إلى هناك ومعه تلك السيجارة اللعينة، وفي اللحظة التي سلمها للعينة الأخرى، قبض عليه عملاء مكتب المباحث الفيدرالية.
المهم أنني وبعد أسابيع رأيته يمشي سعيدا في أحد شوارع المدينة، وبالتأكيد أن سفارة بلاده دفعت الكفالة ولو عينوا له محاميا جيدا فسيخرجه من القضية لأنه تم الزج به في السجن بخدعة.
هذه القصة وقصص أخرى يجب أن تكون درسا للعرب الذين يذهبون للولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، فالحذر مطلوب لأنهم (يصنعون) التهم هناك، كما أن معرفة قوانين تلك الدول مطلوبة لتجنب السجن والأهوال الأخرى.
•• نهاية
الحذر... يذهب الخطر
Karimalfaleh @