المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير التعليم يوم الأربعاء الماضي من وجهة نظري، بل من وجهة نظر الكثيرين غيري حمل العديد من المفاجآت، ففي الوقت الذي كان يعتقد فيه أنه مخصص للحديث عن التقويم الدراسي وشكل العودة إلى التعليم مع بداية العام الدراسي القادم افتراضي أم وجاهي إلا أن المؤتمر كان بحق يحمل خارطة طريق لتغيير شامل في عملية التعليم شكلا ومضمونا سواء من حيث المناهج الدراسية والمواد المقررة ومحتوى هذه المناهج وطرق تدريسها بل وحتى أهدافها، حيث تمت إضافة مواد دراسية جديدة تتناسب مع الآفاق التي تلوح في القرن الحالي، بل في الألفية الثالثة والتي تتطلب الاستجابة لها تغيرا شاملا في أهداف التعليم، وطرائق واستراتيجيات التعلم، والمحتوى، والاهتمام بتعليم التفكير، والتربية الوطنية، وإعداد الفرد للحياة، وتعليم اللغة الإنجليزية منذ الصف الأول الابتدائي، كل ذلك يشكل متطلبات ضرورية للحياة المعاصرة كان لا ينبغي أبدا أن نتأخر في الأخذ بها والعمل عليها. أما من حيث التقويم الدراسي ومرونته، واهتمامه بالراحة النفسية للمعلمين والطلاب، بحيث يكون هذا التقويم كما قال معالي الوزير متعة لكافة أطراف العملية التعليمية يلبي حاجاتهم النفسية والاجتماعية، ويمكنهم في بلد مترامي الأطراف مثل المملكة أن يقوموا بزيارات لمدنهم وقراهم وأسرهم الممتدة، والأماكن السياحية في المملكة بما لذلك من أبعاد اجتماعية واقتصادية ووطنية من حيث المحافظة على الأواصر الأسرية والاجتماعية، وتعميق الانتماء الوطني، ومعرفة الشباب بتراث وطنهم ومعالمه الدينية والسياحية والتاريخية، والحد من السياحة الخارجية بما لها من آثار سلبية سواء من الناحية الاقتصادية، أو من ناحية التأثر ببعض العادات والممارسات التي لا تتناسب مع أعراف هذا المجتمع، إضافة إلى إتاحة الفرصة لانطلاقات نفسية وتعليمية بين الحين والآخر سواء بعد الإجازات بين الفصول الثلاثة، وفتح صفحة جديدة من الهمة والنشاط بعد كل فصل أو الإجازات المطولة التي تضمنها التقويم الدراسي الجديد، وكذلك زيادة عدد أيام الدراسة خلال العام بما يمكن من التعمق في تعلم المقررات والاهتمام بالتطبيقات العملية لمحتواها، كما أن هذه الإجازات ستكون فرصة أيضا لعقد البرامج التدريبية للمعلمين وهو جانب آخر اهتمت به الوزارة وكان ذلك واضحا من خلال حديث معالي الوزير، لا سيما وأن التغير في المقررات الدراسية وأساليب التدريس المدمج التي تجمع بينها استراتيجيات التعليم عن بعد والتعليم الوجاهي مستفيدة من الخبرات التي اكتسبها المعلمون والمعلمات أثناء فترة التحول إلى التعلم الافتراضي خلال الجائحة والذين أشاد الوزير بسرعة استجابتهم للتغيرات التي اقتضتها طبيعة هذه المرحلة بشكل كان بالفعل مدهشا ومفاجئا، حيث كان هذا التحول يحتاج إلى الكثير من الأمور التي يتحقق من خلالها لكن الإرادة التي يمتلكها المعلمون والمعلمات كانت قادرة على تجاوز كل التحديات، مما جعل المملكة في مقدمة بلدان المنطقة والعالم التي استطاعت أن تقدم بديلا يحافظ على مخرجات التعليم رغم الظروف التي صاحبت هذه الجائحة. كل هذه الملامح وغيرها التي تحدث عنها وزير التعليم تبشر أننا مقبلون على ما هو أفضل -بإذن الله-، وأن التعليم سيكون في مقدمة القطاعات التي تحدث التغيير المطلوب، وتستجيب لأهداف رؤية المملكة 2030، بل إن التعليم كما هو مأمول سيكون في موقع القيادة بين القطاعات التي تتسابق في تحقيق هذه الرؤية شأنه شأن التعليم في كثير من البلدان المتقدمة والتي كان فيها التعليم بالفعل في طليعة القطاعات التي تحدث التغيير المطلوب.. ومع أن بعض ردود الفعل التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن متفقة تماما مع وجهة نظرنا حول ذلك كله فإن الأمر يظل طبيعيا، لأن التغيير دائما يلاقي مثل هذه المقاومة لأسباب عديدة، خصوصا عندما يكون في ظروف حرجة مثل الظروف التي تتداخل فيها الأحوال الاقتصادية والصحية والاجتماعية في ظل تحولات عالمية في كافة المجالات.. وللحديث صلة -إن شاء الله-.
Fahad_otaish@