DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

«فنانو العرائس» يتألقون عالميا ويحبطون محليا

تراث شعبي في كافة الأقطار وحاضر يحتاج للاهتمام الرسمي.. المخرج سلوم:

«فنانو العرائس» يتألقون عالميا ويحبطون محليا
قال المخرج المختص بمسرح الطفل والعرائس عدنان سلوم، إن «مسارح الدمى» لها دور كبير في التطور الفكري والحضاري للشعوب، وإنه من أكثر الفنون تأثيرا وشعبية، لأنه ارتبط ارتباطا وثيقا بخيال الفرد ومداركه، والغوص في تفاصيل الحياة والواقع، كما يهتم إلى حد كبير بالبناء المعرفي للطفل، من حيث التعلم والثقافة والذكاء، وأشار إلى أن الفن العرائسي يعاني في العالم العربي، ويحتاج للمزيد من اهتمام المؤسسات الرسمية، وأن الفنانين العرب الموهوبين يتألقون عالميا، لكنهم يعانون الإحباط محليا، فعلى الرغم من أن التراث العربي لهذا الفن ثري ومعروف في كافة الأقطار العربية، لكن في العصر الحديث لجأ المختصون للعرائس الأوروبية بدلا من إحياء تراثنا الشعبي.
■ ما أهمية فنون العرائس باعتبارها شخصيات يبدعها خيال المؤلف وتصنعها موهبة الفنان؟- هذا السؤال يختصر رحلة إنجاز العرض العرائسي من الفكرة إلى الجمهور، فهؤلاء هم مبدعو الممارسة العرائسية بصفتهم الإبداعية، ومعرفتهم العميقة بتفاصيل هذا الفن وأشكاله وقدرته التعبيرية والتخيلية، فيخلقون عالما ممتعا للجمهور، وفنان العرائس أو العرائسي، سواء كان كاتبا أو مصمم عرائس أو مصنعا أو ممثلا محركا أو مخرجا أو مصمم فضاء العرض، كلهم مجتمعون يشكلون هذه الحالة غير العادية للجمهور، فالكاتب المتمكن من دواخل هذا الفن يستطيع أن ينجز لنا نصا بشخصيات وفضاءات غير مألوفة، وتتجاوز الأجناس الإبداعية الأخرى بخصوصية هذا الفن، وهو ما يلفت نظر المخرج إليه، فيأخذ المخرج ذاك النص الإبداعي الذي نسجه الكاتب ويبدأ في قراءته وتخيل تفاصيله، إلى أن يهتدي لمصمم عرائس يستطيع أن يخلق شخصيات ذات أثر في صلب الرؤية الإخراجية ونسيج خيال الكاتب، وأن يختار المخرج مصمما لفضاء عرض غير عادي يجذب الجمهور، سواء كان العمل موجها للكبار أو للأطفال، وأما عن الممثل محرك العرائس فعليه تقع المواجهة مع الجمهور بقدرته على نقل إحساسه للشخصية العرائسية، فيبعث فيها تخيلات الكاتب ورؤية المخرج وانتظارات الجمهور، إضافة إلى مختصين آخرين مساهمين في العملية العرائسية من مؤلف موسيقي ومغن ومتخصص في التقنيات المساعدة، وغيرها من مسببات نجاح العرض.
■ أين موقع فنون العرائس على خارطة المسرح العربي الحديث؟
- وجودها ضعيف، ولا يوجد اهتمام مؤسساتي ذو أهمية يواكب عمق وأهمية هذا الفن، ففي غالب الأحيان يكون فنا موسميا قصيرا قد يمتد الفعل لسنوات قليلة، وهذا ما حدث معنا مع أكثر من مؤسسة، وبالنسبة لي يبقى عمل الفنان العرائسي هو الراسخ وهو المحرك للممارسة العرائسية وللمؤسسة التي ترغب في الدعم واتخاذ فنون العرائس ضمن خارطتها المستقبلية، فالإبداع العرائسي سمة إنسانية مثل أي إبداع آخر، والمؤسسة المبدعة هي التي تتبنى هذا المبدع وتقدم له ما يحتاجه، فالفنان العرائسي في العالم العربي مظلوم ويحتاج لمن يقف إلى جانبه، خاصة في المرحلة الحالية، وربما نحتاج إلى مؤسسات عربية مختصة بفنون العرائس داخل مؤسسات التنمية الثقافية والمؤسسات التي تهتم بالفنون.
■ كيف تقرأ مستقبل فنون العرائس في ظل مغريات الحياة العصرية المحيطة بالأطفال؟
- منذ بداية عملي بفنون العرائس 1995 حين أنجزت أول عمل عرائسي لي في المركز الوطني لفن العرائس، آمنت بفكرة المستقبل لفنون العرائس، واستمرت معي حتى يومنا هذا مع عملي مديرا لمسرح العرائس بدمشق، وعملت في مدرسة الإمارات الوطنية على أن تكون جزءا من منهج أعد للمرحلة الابتدائية «2007 – 2010»، ورفعتها صراحة منذ عام 2011 بأسلوب وسائل التواصل الاجتماعي الحديث بهاشتاج «المستقبل لفنون العرائس» مع مهرجان الشارقة الدولي لفنون الدمى الذي أسسناه مع مجموعة مسارح الشارقة، وكان مهرجانا بحثيا وتدريبيا وإبداعيا، توقف بعد مدة قصيرة ثم تم تأسيس خيمة فنون العرائس في الشارقة 2012، مع فريق رواد الأعمال وتوقفت بعد سنة، ثم الملتقى العربي لفنون العرائس مع الهيئة العربية للمسرح الذي صنع حراكا مؤقتا، وكان يحمل في طياته البحث المعمق والنشر والتكوين والعروض التطبيقية وتوقف بعد أربع دورات، ثم رحلة الـ 4000 كيلو متر فنون عرائس مع مكتبات «أبوظبي»، وضمنا فنون العرائس ضمن برنامج دبي للفنون الأدائية مع هيئة دبي للثقافة والفنون 2019، والمشروع الأهم والمستمر منذ عام 2014 هو برنامج فنون العرائس مع ناشئة الشارقة، وهي مؤسسة تهتم بالشريحة العمرية من 13 إلى 18 عاما، فاستقطب العديد من الناشئة في مركز يعج بالتكنولوجيا المتطورة والروبوت والألعاب الإلكترونية والرياضية، من هنا أؤكد أنه لا أحد يسحب البساط من تحت أحد إلا إذا نحن قررنا ذلك، ولا خوف على فنون العرائس إلا إذا خفنا، وفنان العرائس لا يخاف لأنه مفعم بالحرية والخيال والإيجابية.
■ لماذا أصبح فن العرائس غير قادر على مواكبة احتياجات العصر الحديثة ومتطلباتها؟ - يمكن أن ينطبق هذا على مستوى ضيق وفي عدة دول عربية، ولكن لدينا في لبنان وتونس ومصر تجارب مواكبة ومهمة جدا، وإذا ما فتحنا الأبواب على العالم، فسنجد أن فن العرائس بخير، ولكنه يحتاج عربيا أن يكون بخير أكثر، والمبدع العرائسي العربي يحتاج لرعاية واهتمام أكثر، فلدينا العديد من الطاقات العرائسية العربية تبدع في الخارج وتحبط عربيا، ونحن منهم، إمكانات دعم الإبداع العرائسي محدودة، وبدأنا نعتمد على المستورد، ونلاحظ معا تصميم بوستر اليوم العالمي لفن العرائس 2021 الذي اعتمدته المنظمة العالمية، هو تصميم عربي للمصممة السورية مريم سمعان، فنحتاج لأن يكون ضمن المنظومة الإبداعية والإستراتيجية الثقافية، كي نحقق المواكبة التي نطمح لها في النهاية.
■ ما أهمية مسرح العرائس في تكوين شخصية الطفل؟
- لفن العرائس دور مهم في تنمية خيال الطفل، وفتح أفق الخيال والتعبير لديه، والانتقال من حالة الخجل والارتباك والوحدانية إلى حالة الجرأة والاتزان والفعل الجماعي.
■ ما سبب غياب ثقافة فنون العرائس وندرة العروض العرائسية؟
- فنون العرائس حاضرة منذ الأزل، ونحتاج إلى النبش في تاريخنا لإيجادها، وهي في الواقع الحالي بمحاولات فردية على امتداد الوطن العربي، وهناك الكثير من الإبداعات العربية التي ذاع صيتها في الدول الأجنبية، والمشكلة تكمن في إستراتيجية المؤسسة على فرز حيز لهذه الفنون، والانتباه لهذا الفن وممارسيه، وعلى الفنان العرائسي أن يجتهد لإيصال صوته للمؤسسة الثقافية، والدفع باتجاه تفعيل دور هذا الفن، ولدينا من العروض الجيدة الموجهة للأطفال والكبار عربيا ما يدفعنا للإيمان بأهمية ودور هذا الفن.
■ كيف ترى التجربة العربية في فنون العرائس الآن؟
- تجربتنا العرائسية غنية عبر التاريخ منذ القدم تجدونها في التراث الخليجي بالعروض المكتملة «الباكت» في صحار العمانية، والأراجوز في مصر، وخيال الظل في جزيرة أرود السورية، وعرائس الاستمطار في شمال أفريقيا، وغيرها الكثير، المشكلة أننا قطعنا العلاقة مع هذا التراث الغني، وفتشنا عن العرائس في الوارد من الغرب، ورغم كل ذلك هناك تجارب معاصرة يشار لها بالبنان في الإمارات مع ناشئة الشارقة ولبنان وسوريا ومصر وتونس والجزائر والمغرب والأردن، ولكن هذه التجارب تحتاج لمن يجمعها وينظر لها من منظار نقدي في إطار المنجز، وحققت بعض هذه التجارب حضورا دوليا مهما، وأصبح لدينا فنانو عرائس عرب يستحقون التقدير والاهتمام، وأطلقت عليهم في بحثي اسم «العرائسي المبتكر.. الذي يصنع الجمال».
■ ما هى القواعد والمعايير الخاصة بعروض العرائس ذات الخيوط؟
- عروض عرائس الخيوط شكل من أشكال فنون العرائس، وهي تحتاج إلى مهارة خاصة على عدة مستويات انطلاقا من التصميم بشقيه، تصميم الشخصية وتصميم آلية الحركة، إضافة إلى التنفيذ الفني لهذه التصاميم، أو ما نسميه الصناعة، والأهم من ذلك هو المبدع الحساس الذي سيحركها وينقل من خلال خيوطها كل إحساس وردة فعل يطمح إليها المخرج ويتمناها الكاتب، ويحتاج هذا النوع من العرائس إلى معرفة معمقة في علم الحساب والفيزياء الميكانيكية لضرورة ضبط الحركة منذ التصميم، إلى التصنيع والمواجهة مع الجمهور بفعل وحركة متقنة، وتأخذ عروض عرائس الخيوط مستويين: المستوى الأول داخل فضاء مصمم على ألا يظهر المحرك، في عمارة مسرحية متقنة وجسور وسراديب بحسب عدد الشخصيات ورؤية المخرج، أما المستوى الثاني فيدخل في إطار التحريك المكشوف، وغالبا ما تكون في العروض التفاعلية، والعروض التي يتبناها العرائسي المبتكر.
■ كيف ترى فنون العرائس قديما وحديثا وآفاقها المستقبلية؟- ازدهرت فنون العرائس قديما عندما كانت مهنة أوحرفة لصيقة بالمجتمع ومنتشرة في الأحياء الشعبية، وفي فترة من الفترات بدأت تندثر هذه الفنون، في حين حدثت القطيعة مع هذا الموروث في العصر الحديث، وبدأنا نعتمد على دول أوروبا الشرقية في التأسيس الحديث لمسارح العرائس، وبرزت فئة من المهتمين بالتراث، واشتغلت على إحياء فنون العرائس التراثية، مثل د. نبيل بهجت في مصر، وحسين حجازي في سوريا، وفاروق سعد في لبنان، والكثير من الباحثين في الجزائر وتونس، إلا أن الفجوة استمرت حتى يومنا هذا، وبين توقف العروض التراثية ومحاولات المؤسسات الرسمية ترميم هذه الفجوة، نستطيع رسم ملامح مستقبلية لهذا الفن الذي يحتاج جماليته التي تميزه عن غيره، والذي من المستحسن أن تعتمد على الزاد العرائسي الموغل في العمق، وتغذيتها بالمعارف الجديدة والخيال والابتكار، وأنا متفائل بمستقبل الممارسة العرائسية، لأن هناك عرائسيين يشتغلون بإخلاص ولا ينتظرون الشكر من أحد، وتفاؤلي نابع من استمراري في هذا المجال، ومن استقبال شرائح الناشئة والشباب لهذا الفن رغم الزخم المعرفي والبصري والتكنولوجي.