قبل عدة سنوات كنت في حديث مع أحد الرؤساء التنفيذيين في إحدى الشركات وكان حينها يضع خطته الاستراتيجية للعام القادم، ورغم أنني لست مخططا استراتيجيا إلا أنه مشكورا أشركني في النقاش وقال نود التركيز في العام المقبل على قسمين الأول المحاسبة الإدارية والآخر الصيانة فنرغب في جلب مزيد من الجنسية الفلانية «العربية» حيث إنهم من أفضل الكفاءات وأكثرهم أمانة في المحاسبة، والجنسية (الآسيوية) للصيانة لنفس السبب، فعلقت قائلا إن كانت الكفاءة العلمية والمهنية هي المعيار فهذا شيء جيد وإذا كان ذلك البلد يزخر بكثير من المعاهد التي تخرج مثل هذه الكفاءات فهذا سبب مقنع أما موضوع الأمانة والسمات الشخصية لجالية معينة فأنا ضده تماما، فمنذ متى تبنى الخطط على أساس الصفات الشخصية، ضع نظاما قويا واضحا وحازما ومحفزا وضع أي جنسية فيه وسترى النتائج. العمل المنظم لا يهم اسم الموظف فيه ولا جنسه ولا لونه ولا أصله بل صفاته الوظيفية التي يتطلبها مكانه فقط فالأسماء والمظاهر لا تزيد من مبيعاتك ولا تخفض من نفقاتك. خلال الأيام الماضية تغنى الكثيرون من داخل وخارج المملكة بالهلال وبتحقيقه لبطولة الدوري وأكثرهم علق بالقول «نقول مثل كل موسم مبروك للهلال لا جديد يذكر بل القديم يعاد» متسائلين أين بقية الأندية؟ وكأن الموضوع محاصصة وتطييب خواطر، وهنا أختلف تماما مع هذا الطرح لأن التعليق على النتائج النهائية التي (يظنون أنها مكررة وهذا غير صحيح) وليس السبب، السبب هو نظام واضح للإدارة ضربت أوتاده وتجذرت في الأرض مع بنيان النادي وأصبح كل رئيس يدخل لسدة الإدارة يعلم المسارات الموجودة أصلا وماذا عليه أن يفعل بعدها، تغير الأشخاص والأزمان وكل شيء وبقي العمل الثابت الذي فقط يتطور ويكبر ليحقق الإنجازات واحدا تلو الآخر. العمل الصحيح لا يكفي لتحقيق الأهداف فكم من عمل كان صحيحا ولكنه مؤقت وغالبا السبب لأنه فردي وليس مؤسسي، العمل الفردي عمل جيد ورائع ولكنه فقط على المستوى الشخصي ويفشل فشلا ذريعا داخل المؤسسات والمنظمات والسبب أنه يفتقد للاستدامة لأن وجوده مقرون بوجود صاحبه وإن غاب غاب معه وهنا مربط الفرس، العمل الصحيح مستمر حتى وإن تغير الأشخاص وهنا ينتفي العمل الفردي وتتحقق الاستدامة، أي منظومة إدارية سواء كانت رياضية أو تجارية أو خيرية أو لها أي هدف آخر عام إن تحقق بها النظام والاستدامة فالنجاح هو من يرفع لهم القبعة، في الهلال اعتزل أساطير الملاعب ونجوم وكوادر إدارية ومحترفون مهرة ولم يتوقف بعد ذهابهم بل كانوا مثل العدائين في سباق التتابع كل عداء بوشاح أزرق يسلم الراية لمن بعده، هنا نقول نجاح جديد وليس لا جديد الهلال بطل كالعادة فلا يوجد نجاح معتاد ولا أرباح معتادة كل ذلك يأتي بعد العمل.
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل بإذن الله أودعكم قائلا (النيات الطيبة لا تخسر أبدا).. في أمان الله.