فكرة اللوحة داخل مغسلة الموتى خلقت الفكرة التالية، ماذا لو يتم تخصيص أماكن لدفن ضحايا الحوادث المرورية في المقبرة ولو لمدة عام واحد فقط لكي نستطيع أن نطلع بنتيجة علمية محسوسة حول نسب الوفيات.... في ذلك العام! لتعم الفائدة لأن وجود اللوحة داخل مغسلة الموتى محدود ولن يراها سوى أقارب المتوفين! بينما مشهد عدد قبور ضحايا الحوادث المرورية أثره أكبر وإمكانية انتشار صورة المقبرة أعمق وأبلغ...
ولا يمنع أن تنتشر نفس اللوحة في مغاسل الموتى في طول البلاد وعرضها بحيث تكتب عليها أعداد وفيات الحوادث المرورية لما لها من أثر توعوي لمن يتهور في القيادة ولا يلقي بالا لسلامة الآخرين على الطريق متجاهلين الأنظمة والقوانين المرورية.
عندما يتم ذكر أعداد الوفيات في الملتقيات والمحاضرات التوعوية تكون النتائج إيجابية لأنها ترسخ في الأذهان، ففي عالم الجودة هناك نظرية يعرفها رواد الإدارة ورجال المال والأعمال تهتم بالإنتاجية وتطوير الأداء بأن ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته ومن الطبيعي عندما لا تستطيع إدارة الشيء فلن تستطيع تطويره.
قد يقول قائل الأرقام التي تقترح تخصيص أماكن لها في المقبرة موجودة لدى هيئة الإحصاء.. نعم الأرقام موجودة ولكن آثارها على عقول الفئة المستهدفة شبه مفقودة لأنها مجرد أرقام، بينما في تخصيص أماكن في المقبرة أو لوحات تحتوي على نسبة الوفيات نتيجة للحوادث المرورية تتحول تلك الأرقام إلى صور للقبور يتفاعل معها العقل الباطن بأن خلف كل قبر قصة وغصة.
ما نشاهده على الطرقات من ارتفاع نسبي في الوعي المروري على مستوى الوطن نتيجة ضبط مروري بالدرجة الأولى ثم تأتي بعد ذلك التوعية.. ولكن عندما نتحدث عن التوعية المرورية نقصد توعية خلاقة، توعية تطبق ما يعرف بالتفكير خارج الصندوق، على سبيل المثال نطوع الدراما لترسيخ ممارسات آمنة خلف المقود واستخدام برامج المحاكاة، في الماضي هناك عبارات توعوية جميلة عشناها وعاشت معنا سنوات ولكنها لم تعد مجدية مع جيل السرعات والصرعات، كقولنا (لا تسرع فإن الموت أسرع) (لا تسرع يا بابا نحن في انتظارك) ولكن عند إسقاط الجمل والعبارات التوعوية على المشهد المقترح في المقبرة ستتحول الجملة من مجرد كلمات إلى صور ذهنية حية بأن السرعة سارعت بنهاية أب تيتم أطفاله وترملت زوجته ويزداد الألم عندما تتردد كلمات الجملة الأخرى (نحن في انتظارك) وهنا ألم انتظار بلا أمل في عودة المفقود الذي لن يعود!
من الفوائد المرجوة من تخصيص مقابر ضحايا الحوادث المرورية أنها رسالة توعوية عملية سيساهم في انتشارها المشاهير وستتناولها القنوات وسيتحدث عنها الشباب في المنتديات.. بأننا قادرون على رفع الوعي المجتمعي من خلال الضبط الصارم والتوعية الخلاقة ذات الصبغة الاحترافية للتقليل من ضحايا الحوادث المرورية بإذن الله... وسيصبح ازدياد عدد مقابر ضحايا الحوادث المرورية مقارنة بغيرهم حديث المجالس بعد كل جنازة.