وخطورة البطالة ليست اقتصادية فحسب بل اجتماعية وأمنية أيضا، إذ تبدأ معدلات الجريمة بالارتفاع كنتيجة تلقائية للشعور بالحرمان والعوز والعجز عن بناء وإعالة الأسرة والأقارب، وتعثر سداد القروض، وبيع العقارات المرهونة لتعثر عملية السداد. إنها ظاهرة خطيرة ومفزعة؛ فقد تستخدمها جهات معادية ومغرضة وتوظفها سياسيا ضد استقرار وأمن الأوطان، إذن فهي قضية تمس أمن الوطن وسلامته واستقراره، وليست ملفا اعتياديا، ولذلك اهتمت بها حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، وحرصت على إيجاد الحلول المناسبة لها، وكلفت المسؤولين بوضع البرامج والخطط لمعالجتها.
وهنا أساهم ببعض الأفكار والمقترحات لإيماني الكبير بأهمية هذا الملف، وذلك على النحو التالي: أولا: من المهم تواجد هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، ورئاسة أمن الدولة مع وزارة الموارد البشرية والجهات المعنية ذات الصلة في لجنة موحدة لمعالجة البطالة بوصفها قضية أمن وطني من الناحية الاستراتيجية. ثانيا: منع تبوء غير السعوديين للمناصب القيادية في الجهات الخيرية وغير الربحية والشركات المساهمة الوطنية؛ فذلك يتيح المجال تلقائيا لدخول الكوادر الوطنية للوظائف الصغيرة والمتوسطة في تلك الجهات من خلال دعم القيادات الوطنية المتوقع. ثالثا: حرمان قطاع الأعمال الوطني والمستثمر الأجنبي من الدخول للمناقصات الحكومية ما لم يحقق نسبة سعودة لا تقل عن (٤٠٪) في المناصب القيادية أو (٦٠٪) في باقي الوظائف، أو تخصيص دعم سنوي لصندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) كشرط لدخول مناقصات الحكومة. رابعا: صدور قرار ينظم آليات وضوابط تسريح الكوادر الوطنية استنادا على إعادة الهيكلة الإدارية والذي أضحى للأسف وسيلة لتسريح أعداد كبيرة من الكوادر الوطنية لأسباب قد تكون في حقيقتها شخصية ومزاجية وليست للنفع العام أو لوجود عجز مالي حقيقي، ما ضاعف أزمة البطالة في المملكة وتسبب بزيادة الضغط الأمني والمجتمعي. لذلك أقترح عددا من الضوابط الجديدة لتعزيز مشروعية ومصداقية إعادة الهيكلة الإدارية كسبب مشروع لتسريح الموظفين والعاملين وفقا للتالي: ١- صدور قرار مبدئي من مجلس إدارة المنشأة يتضمن الأسباب والمبررات الداعية لإعادة الهيكلة. ٢- اختيار جهة محايدة ومرخصة للقيام بمهام إعادة الهيكلة. ٣- وجود مبرر مالي قوي مفصح عنه في الميزانية المعتمدة وألا يكون سببا مفتعلا أو جراء تضخيم المصروفات أو سوء الإدارة. ٤- تعزيز مبدأ تعويض الكوادر التي تم تسريحها بما يعرف بالشيك الذهبي خاصة في حالة متانة المركز المالي للمنشأة. ٥- اعتماد مجلس إدارة المنشأة لنتائج دراسة إعادة الهيكلة الإدارية النهائية. ٦- رفع نتائج الدراسة لوزارة الموارد البشرية للمصادقة عليها.
وتأتي كل هذه الضوابط المقترحة للحيلولة دون الانحراف بفكر التطوير الإداري والاستراتيجي المتمثل بإعادة الهيكلة الإدارية إلى وسيلة بغيضة ترفع معدلات البطالة لأسباب قد لا يكون الهدف منها النفع العام في حقيقتها وجوهرها.