ليس هناك شيء أجمل من الخروج من النمطية والرتابة المملة إلى التغيير من أجل التطوير، فهذا سعي كل الدول الراغبة في التقدم، ولا تستطيع أي دولة في العالم أن تخطو أي خطوة للأمام قبل أن تحدد أهدافها ونظرتها إلى أين تريد أن تصل، ومما لا شك فيه أن البداية تكون بتطوير التعليم، لتواكب التغيرات العالمية السريعة وتلبية احتياجات سوق العمل، ومنذُ أيام يكشف وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ عن شكل التقويم الدراسي الجديد لعام 1443هـ للتعليم العام، متضمناً تطوير المناهج والخطط الدراسية وزيادة فصل دراسي لتصبح ثلاثة فصول بدلاً من فصلين دراسيين، وما يتبعها من تطويرات إضافية، لمواكبة ومنافسة أفضل الممارسات العالمية وتحقيق مستهدفات تنمية القدرات البشرية لرؤية المملكة 2030.
وبلا شك أن نظام التعليم الحالي يحتاج إلى تطوير حقيقي وعميق والدليل نتائج المملكة في الاختبارات الدولية حالياً منخفضة، ولا يمكن معالجة تلك التحديات بأدوات لم يعد لها تأثير بسبب المتغيرات الكبيرة التي حققتها بلادنا خلال الخمس السنوات الماضية، وبهذا التغيير في وزارة التعليم يختلف عن السابق فهي وصلت لجوهر التغيير فقد أدخلتنا في أجواء ثورة تعليمية حقيقية، قد تكون المحرك لكافة التحولات التي شهدتها وتشهدها المملكة في مجالات عديدة ومهمة، وبحسب ما أعلن فإن رحلة تطوير المناهج والخطط الدراسية تمت عبر فرق متخصصة تتمتع بخبرات عالية، ومن منظوري الشخصي كنت أتمنى أن يكون هذا التغيير على مرحلتين المرحلة الأولى: التطبيق الجزئي على بعض المدارس وبمختلف المراحل الدراسية لمعرفة أوجه القوى والصعوبات التي قد تواجه التعليم بصورته الجديدة بثلاثة فصول دراسية، فتطويل العام الدراسي يترتب عليه مراعاة فصل الصيف والذي كان في السابق ينتهي العام الدراسي قبل دخوله، السؤال هل تمت دراسة مدى جاهزية مباني المدارس وصيانتها لمواكبة التطوير الحالي، وتحمل درجة الحرارة التي تصل إلى ما فوق 50 درجة مئوية في بعض مناطق المملكة؟
ففي ظل جائحة كورونا لم تُشغل المدارس بكامل طاقتها الاستيعابية لاختبار تبريد التكييف ولا قوة تحمل الكهرباء في عز الصيف، وأعمال الصيانة شبه متوقفة، فبعض المدارس مازالت تعاني من ضعف التكييف والصيانة وغيرها من التجهيزات. وفي المرحلة الثانية: يتم معالجة القصور وتعمم على المدارس بالكامل، ولكي تكون البداية معروفة وبسيناريو واضح للجميع لبداية الرحلة التعليمية نحو المستقبل، فتغيير التعليم لا يشبه أي تغيير ولا نشك في قدرة قطاع التعليم المليء بالكفاءات والخبرات عالية التأهيل ومتشبعة بحس المسؤولية الوطنية، ويكفي أن من ضمن أهداف التطوير الأخيرة اكتساب الطلاب مهارات القرن الواحد والعشرين، والاستجابة لمتطلبات التنمية ومتغيرات المستقبل وتحدياته، ومواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
وأخيراً... لوضع خطط تطويرية شاملة للمستقبل يجب أن تشمل المناهج، الكادر التعليمي، مباني المدارس، وإلا نكون حقل تجارب لسنوات حتى نستقر على التجربة الملائمة بالأهداف الاستراتيجية للتعليم بحسب مستهدفات الرؤية الوطنية لتحقيق طموحات المستقبل.