وقال في مجمل حديثه: أننا بحاجة إلى عقد اتفاقية مع هذه العوالم المجهولة تشبه في مضمونها اتفاقية عدم اعتداء نووي. الغريب أن الرجل لم يذكر مَنْ سيمثل كوكبنا أمام الكواكب الأخرى، وفي ذات الوقت لم يحدد تلك العوالم الأخرى التي تحيك لنا في الخفاء، ولا مَنْ يمثلها.
يحيرني معرفة كيف ستتعامل الجهات المختصة في دول العالم مع مثل هذه الأطروحات، أو التنبؤات العلمية، وإلى أي مدى هذه الأخبار، والآراء يمكن أن تؤخذ على محمل الجدية. ما يمكن أن يلاحظه المراقب اليوم أن هذا العالم أصبح غريبا، وعجيبا في نظرته العلمية، وفي تطلعاته لما وراء الخيال أحياناً ومن ذلك الماوراء أصبح يحدث على الأرض للأسف وفي عالم السياسة بالذات. والحكاية الأغرب من حكاية هذا العالم الأمريكي حكاية عربية بامتياز حدثت في دولة عربية معروفة للجميع، عانت هذه الدولة من حرب أهلية طاحنة لمدة عشر سنوات تقريباً، وخلال هذه السنوات العشر العجاف تمسك النظام بطروحاته، واستدعى الدول الإقليمية والدولية لتأهيله بمعنى جعله قادراً على الاستمرار وعدم الذوبان في وجه القوى الأخرى، لا بمعنى تأهيله أي جعله قادرا على أن يدير نفسه، ويدر البلاد برضا وتفاهم وتفاعل طبيعي مع الناس. واحدة من الحقائق الصادمة في ذلك البلد المقهور شعبه أن لأكثر من نصف السكان أصبحوا لاجئين ومهجرين ونازحين من مدنهم، وقراهم وأقاليمهم، وهذه الأوصاف هي أوصاف الهيئات الدولية، التي تضع لكل حالة من حركة الناس في ظل الظروف القاهرة اسماً محدداً. العجيب الذي جاء به النظام أنه أقام انتخابات رئاسية فاز فيها الرئيس المتوقع بنسبة تفوق 90 % نافسه فيها إما اثنين او ثلاثة من المرشحين الصوريين. وتحدثت أجهزة إعلام وصحافة ذلك البلد عن عرس انتخابي، وعن نصر سياسي، وعن إنجاز وطني، في حين أن الدول العظمى، والأمم المتحدة وصفت ما يحدث بأنه حالة مخالفة للقانون الدولي وللقرارات الأممية ومنها قرار عُرف بالرقم 2254 ومخالفة هذا القرار أنه باختصار كان يقول: توضع العربة ثم يوضع أمامها الحصان لكي يجرها للأمام، ويمشي الحال، لكن الذي حدث هو أن اخترع الحصان، ولم تك هناك عربة أصلاً، لذا رفضت كل القوى الدولية هذه الفانتازيا السياسية اللا معقولة ولم تعترف بهذه الانتخابات، ولا بنتائجها. الجانب العربي انقسم باستحياء إلى فريق صامت لم يعلق، وآخر هنأ على استحياء بالفوز الأسطوري، وثالث نظر للأمر بالنظرة التقليدية العربية، التي تعني أن ما حدث في ذلك البلد خيار لشعبه، والعرب مع خيارات الشعوب! شعب ذلك البلد في المنافي يتجرع مرارة عشر سنوات دفع ثمنها من استقراره، ونموه وتطوره وفي المحصلة النهائية لم يتغير شيء، بل عاد الوضع إلى ما قبل المربع الأول. في أصوات تطايرت هنا، وهناك لمثقفين، وكتّاب، وسياسيين، سرت نغمة تؤكد أن هذا الشعب منقسم على نفسه، بمعنى أن هذه المسرحية لم تك مقنعة له، ولن تكون كذلك يوماً. وبيَّن الكثيرون ضرورة أن يكون هناك إما مجلسا عسكريا انتقاليا، أو هيئة وطنية عامة تعيد الانتخابات البرلمانية، والرئاسية بإشراف أممي، وبضمان مشاركة متساوية لكل أبناء ذلك البلد، وإلا سيبقى الوضع غامضاً مثل ما هو في التنبؤ بحروب قادمة مع عوالم أخرى بعيدة، وغريبة عن كوكبنا.
salemalyami@