ومنها تعلَّمت، بأن الصداقة الحقيقية لا ترتبط بعدد الزيارات أو المكالمات، بل إنها «الصِدق» في العلاقة والمُتأصل في ارتباطنا ببعض جعلنا نوثِّق صداقتنا بأشكال مختلفة ونتجاهل تقصيرالوقت وبُعْد المسافات.
ثانياً، المحطة الأكاديمية، التي كانت تضُج بالمعارف والعلوم، حيث إن مدة الوقوف في هذه المحطة اختياري. فلقد اخترت أن أُطيل البقاء فيها لأسباب شِبه سطحية بحثاً عن راحة البال. بعد تخرجي في المرحلة الثانوية، اخترت التخصص الجامعي، الذي أُحِب كثيراً وأيقنت مؤخراً -ومع الأسف- أن الحُب والشغف سبب في الإبداع. ولكن في تلك المحطة، يبدو أنني انشغلت عن الغاية «دراسة ما أُحِب» لأجعلها وسيلة -بالمفهوم الاجتماعي في ذلك الوقت- لغرض الوظيفة.
ثالثاً، محطة تكوين الأسرة والمُتمثلة بالزواج، الذي أظهر لي الجزء المخفي من شخصيتي. فالمسؤوليات المنزلية توقِظ «الأنثى الأُم»، التي تسكن في قلب المرأة بشكل عام. وهذه المحطة الإنتاجية جعلتني أُضاعف جهودي أثناء الصراع من أجل البقاء لأجل أطفالي أولاً وأخيراً. تعلَّمت من هذه المحطة، بأن الزواج يُميت أموراً في النفس ويُحييها، وذلك على حسب الظروف المحيطة لكلا الجنسين.
رابعاً، محطة الاغتراب التي كانت تزيد وتُنقص من درجة حرارة وبرودة المشاعر في الإنسان. تتمثل المشاعر الحارة في الشوق والحنين إلى الأهل والوطن، بينما تتمثل المشاعر الباردة بالاكتئاب الذي يُصيب صاحبه ليُعطّل جهوده في كيفية تجاوز الغُربة. وتعلمت من هذه المحطة، أن الوحدة تقتل الضعيف وتُحيي القوي.
خامساً، محطة البحث عن الرزق «الوظيفة»، التي تتمثل في معركة أسميتها بـ «القُدرة». بمعنى، هل أنت قادر على التنازل؟ هل تعرف معنى الصبر؟ ما هو مستوى قدرتك على الالتزام والانضباط؟ وغيرها من الأسئلة التي تدور حول قدرة الإنسان على تطبيق ما تعلمه في المجتمع الوظيفي. وتعلّمت من هذه المحطة، أن الأرزاق مكتوبة، ويسوقها الله تعالى إليك بيُسِر وسهولة إذا سعيت إليها وأخلصت في الدعاء.
وأخيراً، فإن الإنسان يُعمّر في الأرض من خلال خبراته الذاتية والمكتسبة. ومحطات الحياة فيها من الشقاء والراحة والتعاسة والسعادة والحزن والفرح، وكل ذلك وأكثر كفيل بأن يجعلنا أكثر نضجاً.
@FofKEDL