تناولنا في المقالة السابقة ما أعلن عنه معالي وزير التعليم في المؤتمر الصحفي الذي عقده في حينه، والذي لم يكن كما كان متوقعًا مقتصراً على الإعلان على شكل العودة إلى التعليم في العام الدراسي الجديد وعن التقويم الدراسي الجديد، والذي يتكون لأول مرة في تاريخ المملكة من ثلاثة فصول تتخللها اثنتا عشرة إجازة تتراوح بين إجازات تفصل بين الفصول الثلاثة وإجازات ممتدة في نهاية بعض الأسابيع الدراسية، وقلنا إن المؤتمر وعلى عكس ما كان متوقعًا لم يقتصر على الإعلان عن التقويم الدراسي الجديد، بل تعدى ذلك إلى الإعلان عن العديد من التغيير والتطوير في المناهج والمقررات الدراسية وإستراتيجيات التدريس متضمنًا مواد دراسية جديدة اقتضت طبيعة الحياة المعاصرة تزويد الطلاب بمهاراتها ومعارفها، وكما توقعنا فقد كانت هناك ردود فعل متباينة على هذه الموضوعات انصب أكثرها على الفصول الدراسية الثلاثة التي وإن لقيت تأييداً واستحسانًا كبيرين إلا أنها لقيت أيضًا أصواتًا تعارضها وتتحدث عن سلبيتها، وفي جميع الأحوال فمن منظور شخصي وتربوي فإنني وكثيرين غيري بلا شك نرى أن ذلك كله ظاهرة صحية، وأن هذه الآراء جميعها تنطلق من الحرص على المصلحة العامة للوطن والمواطن، وأنها تقدم مساعدة للمسؤولين للاستفادة منها في تطوير مثل هذا القرار، وتحسين آثاره، ومعالجة ما يظن فيه من سلبيات، وتعظيم الإيجابيات وتعزيزها، ولا شك أن مثل ذلك التطوير والتحسين عندما يرافق التنفيذ سوف يكون فرصة لوضع هذه الأنظمة على الطريق الصحيح وتطبيقها في أحسن صورة بما يحقق المصلحة التي نهدف إليها جميعًا، كما التطبيق العملي لهذه الأفكار وما ينتظر أن تحققه من نتائج طيبة -بإذن الله- سيكون كفيلاً بتحول الرأي العام لصالح الاقتناع بها والدفاع عنها، لاسيما وأنها ستكون بلا شك مدعومة من ولاة الأمر كما هو شأنهم دائمًا من الحرص على توفير السبل لنجاح المشروعات والخطط والبرامج التي تهدف إلى تحقيق الإنجاز العلمي والاقتصادي والاجتماعي والعمراني، وتخطو بوطننا خطوات جديدة على دروب التقدم والنجاح، ولا شك أن ذلك سوف يبدد أيضًا المخاوف التي يعبر عنها البعض ويخشى أن تكون لها آثار سلبية على مخرجات التعليم أو على النواحي الاقتصادية للأسر، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التغيرات الهيكلية والإجرائية التي تقوم بها الوزارة ومؤسسات التعليم العالي والجامعات على العملية التعليمية، ودأبها على تهيئة أفضل الظروف للكوادر العاملة فيها لتحقيق أهدافها، ومما يجب أخذه بالحسبان أيضًا أن أي خطط وبرامج جديدة تخضع لعمليات التقويم المستمر وصولاً إلى التغذية الراجعة وفرص التحسين التي ستكون كفيلة بتعزيز مواطن القوة في هذه البرامج، وتلافي أية جوانب يكون لها انعكاسات سلبية -لا سمح الله-، ولا شك أن الثقة في القيادات التربوية الوطنية في كافة المواقع وخبرتها وكفاءتها وإخلاصها سيظل بعد عون الله سبحانه سببًا للوصول إلى ما تهدف إليه كل هذه التطلعات والتغيرات التي لم تكن بدعاً، وإنما تجيء ضمن حرص القيادات السياسية والتربوية والتعليمية في المملكة على الاستفادة من الخبرات العالمية، وتجارب البلدان التي سبقتنا إلى مستويات أعلى من الناتج التعليمي الذي نحن مؤهلون والحمد لله للوصول إليه، سواء من حيث قدرة أبنائنا على المنافسة والتي تظهر في حصولهم على مراكز متقدمة في الأولمبيات العلمية الدولية، أو ما تسخره الدولة من الإنفاق السخي والإمكانيات المادية والبشرية للنهوض بالتعليم والوصول إلى أفضل المخرجات.. ويبقى علينا جميعًا قيادات تربوية وأكاديمية ومختصين وآباء وأمهات أن نعطي هذه التغيرات الجديدة الفرصة لإثبات كفاءتها وقدراتها على تحقيق الأهداف المرجوة، والثقة بقدرات أبنائنا، ولا نتحول إلى قوى شد عكسي تعيق هذا التوجه الواعد -بإذن الله-، وأن نتريث في الحكم على الأمور، والأمل معقود -بإذن الله- على الوصول إلى ما نصبو إليه جميعًا، وأن يكون العام الدراسي الجديد عاماً لتعليم جديد أيضاً، وبملامح أكثر إشراقاً وجمالاً يليق بهذا الوطن وعراقته والمكانة التي يستحقها بين الأمم في كافة المجالات وفي مقدمتها مجال التربية والتعليم بأهميته الحضارية والإنسانية.. وفي الختام هل يمكن أن نعطي للتجربة فرصة ثم نقف لتقويمها مرة أخرى؟.
Fahad_otaish@