نحن كبشر من يغير معادلة تقدير الله في التوازن البيئي. ثم يحدث الخلل والضرر، ثم يقود هذا إلى مشاكل بيئية تهدد الحياة. مؤشرات هذه المشاكل تتفاقم في بيئتنا في جبال الحجاز والسراة. الأمر الذي جعلني أدق ناقوس الخطر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذه البيئة المطيرة، وهي الخزان الاستراتيجي للمياه الجوفية لأجيالنا القادمة. فقدها مصيبة وشر مستطير، في ظل استمرار المؤشرات العلمية القائمة.
دوما يحدث الخلل بسبب جور البشر، حيث يغيرون اتجاه إبرة الميزان والتوازن، وهذا يقود إلى نتائج سلبية قد لا تكون مرئية في المدى القصير. يقول الله سبحانه وتعالى: [ويل للمطففين (1) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (2) وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (3) ألا يظن أولٰئك أنهم مبعوثون (4)] المطففين. هذا يحدث أيضا مع البيئة بسبب الإخلال بقدر الله. نحن لم نرث الأرض، نحن مستأمنون عليها. الإخلال بإبرة التوازن يقود لفقد الحياة. هذا هو التصحر بكل معانيه.
تختلف درجات التصحر وفقا لدرجات جور الإنسان على البيئة. حتى نشاطنا الصناعي يقود إلى الإخلال بالتوازن البيئي، رغم عدم تدخل الإنسان مباشرة للقيام بهذا الخلل. فهذه الأمطار الحمضية، الناتجة من عوادم المصانع، حيث تنبعث الغازات إلى الفضاء ثم تتفاعل مع بخار الماء، ثم يحملها السحاب، فتسقط قطرات المطر بعد تشبعها بهذه السموم الغازية. تتحول القطرات إلى حمض، فيسقط مطرا قاتلا للبيئة بكل مكوناتها.
دفعت البيئة الثمن. حيث ماتت الغابات بكاملها، وجميع الكائنات الحية في بحيرات بعض دول العالم الصناعي. أيضا تسوقه الريح إلى أماكن بعيدة عن مصادر هذه الغازات. وهذا ارتفاع درجات حرارة الأرض حيث أخل البشر بإبرة الميزان التي قدرها الله تقديرا.
نحن في مناطق الشريط المطير في الجنوب الغربي من المملكة حفظها الله وقيادتها، نمارس سلب حق الحياة لشجر العرعر الذي كان يشكل (70) بالمائة من غطائه النباتي. شجر معمر لا يمكن تعويضه. نمارس جميعنا، أفرادا وجهات رسمية، قطعه، وردمه بالمخلفات، واجتثاثه بالمعدات، في تصرف أهوج لا ينبئ بأي مسئولية.
الحقيقة المغيبة، أن الغطاء النباتي محدود في بيئاتنا. فقد أي جزء منه يشكل خطرا قد لا يكون واضحا على المدى القصير. لكن الأكيد الذي يجب أن نعززه في نفوسنا وأجيالنا أن فائدة الغطاء النباتي تتعاظم في ظل ندرته. الإعاقة الحادة تكمن في معرفتنا بالضرر ثم لا نعمل على تجنبه.
@ DrAlghamdiMH