وأنا من خلال خبرتي وتجربتي في حل المشاكل رأيت أن الإصلاح مفيد في أكثر الحالات، فأحيانا تأتيني زوجة غاضبة جدا على زوجها وترى الطلاق هو الحل، فأقوم بتهدئتها وتقديم الحلول البديلة لحل مشكلتها وأجمعها مع زوجها، وأحيانا يأتيني الرجل والشرار يطير من عينيه، ويسرد لي الأسباب التي تدعوه لطلاق زوجته، فالتمس منه حبا لزوجته وأقوم بتهدئته وأعطيه حلولا لعلاج مشكلته وأجمعه مع زوجته.
حتى مشكلة الخيانة الزوجية، فإني أدرس الحالة قبل التفكير في علاجها وأبحث البدائل والحلول لها، وأقول لنفسي لو كان المستشير يريد أن يطلق بسبب الخيانة لما جاء واستشارني، فنحن لسنا ملائكة فالرجال والنساء يخطئون، وكثير من حالات الخيانة توقفت وتابت، فالقاعدة أنه لا زواج مع الخيانة ولكن لا بد أن ندرس كل حالة بحالتها، فليس كل خيانة زوجية حلها بالطلاق، فكم من غلطة كانت سببا في زيادة الحب والتماسك والتفاهم بين الزوجين، وكم من غلطة كانت سببا في القرب من الله تعالى والحرص على الأسرة
وكم من قضايا عشتها في المحاكم بخصومة بين زوجين لسنوات وهما يترددان على المحكمة ولكن قبل النطق بالحكم يتم الصلح بينهما ويحضن بعضهما بعضا وهما يبكيان، وكم من طلاق حصل وحصل معه الندم بسبب العناد ورفض الصلح، فمهمتنا أن نجمع لا أن نفرق، وأن نبنى لا أن نهدم، وأن نصلح لا أن نفسد، ولقد حذرنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- من التخبيب وهو إفساد الزوجة على زوجها فقال: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها)، فهل هذه المجموعات النسائية هي مجموعات (تخبيبية)؟ ولعل الغريب أن الدراسات والأبحاث في أسباب الطلاق لا تذكر أن (التحريض والتخبيب) سبب في زيادة الطلاق!!
فالصلح له أصوله وشروطه، في البداية يحاول الزوجان التفاهم داخل البيت، وهذه هي المرحلة الأولى، فإن لم يتفاهما ينتقلا للمرحلة الثانية وهي اللجوء للأهل، فإن كان الأهل ليسوا أهلا للصلح، يلجآن لشخص مقرب لهما أو إلى خبير زواج وإرشاد أسري وهي المرحلة الثالثة، وهذا أمر الله قال تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا)، وقال تعالى: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير)، فحتى الخلع والطلاق يحتاج لوسيط يتحلى بالحكمة والصبر.
drjasem@