طبيعي أن تتسيد أحاديث المجالس الغلاء ونتائجه على ذوي الدخل المتوسط والمحدود نتيجة لارتفاع الأسعار، وعليه نجد اختلاف النظرة من شخص لآخر، فالبعض لديهم دراية بالمتغيرات الاقتصادية إقليميا وعالميا، وعند الحديث عن غلاء البنزين بالذات لديهم مبررات حول تغير الأسعار بأن هناك العديد من المصالح المبررة خلف ارتفاع أسعار البنزين منها على سبيل المثال المصلحة الاقتصادية وغيرها من المبررات خلف هذا الارتفاع، ولكن غير المبرر أن نجد من بين تلك المجالس مَنْ يبرر بطريقة سطحية كمَنْ يستشهد بسلوك الترف عند الشباب مع بعض المقارنات كقول بعضهم، الشباب يدفعون عشرات الريالات لاحتساء (كوب) قهوة دون مبالاة بينما يزعجهم ارتفاع قليل من (الهلالات) في أسعار البنزين... وآخرون ربطوا ارتفاع البنزين بقلة الحوادث المرورية بما في ذلك التخفيف من (الهجولة) في الشوارع وهذه وجهات نظر تحترم، وفي ذات الوقت تعتبر من المبررات ولكن غير المقبول أن ينبري البعض في التبرير من زاوية الوطنية وكأن مَنْ تحدث بألم عن هذا الارتفاع في أسعار الخدمات غير وطني!!
وهنا يجب ألا نخلط بين حب الوطن والولاء والانتماء وتعبير الناس بحرية في مجالسهم عما بدواخلهم، وهذا تنفيس إيجابي ولا يتنافى مع حب الوطن والوطنية عندما يكون الحديث عن الخدمات وأسعارها، فالناس تتفاوت في مستواها المعيشي والمادي والثقافي، وعليه تختلف نظرة أفراد المجتمع حول التعامل مع قضايا الساعة...
وهنا يأتي دور محبي الوطن المخلصين من الداخل للوقوف ضد مَنْ قد يستغل ارتفاع أسعار الخدمات من الخارج، فموضوع ارتفاع أسعار البنزين كافٍ أن يصبح من المواضيع الدسمة عند أعداء الوطن..
جميل أن تكون هناك برامج حوارية توعوية تفاعلية يتم من خلالها طرح مقترحات تسهم في إيجاد حلول ولها في المجتمع صوت وصدى للتخفيف عن ذوي الدخل المحدود وغير المحدود من غلاء الوقود وغيره، وأخرى عبارة عن توصيات يتبناها مجلس الشورى الموقر لإيجاد وسائل نقل بديلة مع المطالبة بذكر الأسباب خلف ارتفاع الأسعار عامة والبنزين خاصة من باب الشفافية... فنحن في هذا الكيان أسرة واحدة متماسكة لن يؤثر على الولاء ارتفاع الأسعار.
أخيرا، مع هذا الارتفاع ومع وجود ضريبة نرى بشائر الأمل ونحن على مشارف وداع أزمة هزت العالم بأسره ونحن جزء من هذا العالم... وكذلك نحن في العد التنازلي لرفع الضريبة.. فكل أزمة أمام وحدة الوطن وأمنه تهون..
يقول الشافعي:
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى ذَرعاً.....وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها...... فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
Saleh_hunaitem@