الحقيقة التي يجهلها الكثير أن العدو الحقيقي للإنسان هو في داخل جسده وروحه، ولا يستطيع التخلص منه، فليس له عدو غيره، فالبعض يخلق أعداء من الخارج، وفي الحقيقة أن عدوه داخله يسرح ويمرح في روحه وقلبه، ويلعب بها كيف ما شاء وهو قرين الإنسان الذي خلق معه، وذكر في القرآن الكريم، فإما أن تنتصر عليه أو هو ينتصر عليك، ولا يجعلك تشعر بنعيم الدنيا، ولا يجعلك تدخل الجنة وهي دار البقاء وهو العدو الذي يجري في دمك ولا تستطيع إخراجه، وسيتركك لحظة خروج الروح من جسدك، وكل شيء يحدث للإنسان في هذه الحياة هو اختبار، وبكافة الديانات يعيشون في هذا الاختبار، وعندما تشعر بعدوك تهرب من المكان الذي يتواجد فيه، ولكن أنت لا تستطيع الهروب منه، لأنه في دمك وفي مناطق المشاعر المختلفة، فهو يسيطر عليها ويلعب بها كيف ما شاء، فهو يلعب بقلبك وروحك كيف شاء، والباب الذي يدخل فيه هو النفس، وذكرت في القرآن الكريم: «إن النفس لأمارة بالسوء»، والمقصود بذلك أن النفس هي الجسر الذي يعبر به لك القرين وهو الذي دخل فيها عند ولادتك، وأصبح معك يشاركك كل لحظة في حياتك، فهو من يزرع في داخلك الكره والحسد وإيذاء الغير، فالإضرار بالناس يجعلك تدخل في خانة الشرك بالله، وهو يجعلك تؤذي غيرك لكي تدخل في هذه الخانة التي ستبعدك عن الجنة، فهو هدفه جعلك لا تدخل الجنة وهذا هدفه، وجعلك تشعر بالحزن، وهو من يبعدك عمن يحبك، ويجعلك تختار من يدمرك، وهو من يجعلك تبتعد عمن يستحق العمل وتقترب ممن لا يستحقه وهو من يأمرك بجميع المعاصي التي حرمها خالق الكون، وهو من يزرع في داخلك شرا يدمر كل من حولك، وكل ما نعيشه من معاناة بسببه هو، وهو من جعل البشر تتحول إلى حيوانات مفترسة تأكل بعضها من أجل الدنيا التي لا تساوي جناح بعوضة عند الله سبحانه وتعالى قال تعالى: ((قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد (27) قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد (28) ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (29))) وفي السنة النبوية: "ما منكم من أحد، إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا: وإياك؟ يا رسول الله، قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير". وهذا يدل على وجوده، فهو يتكلم في داخلك بنفس نبرة صوتك، وهو في الواقع من يأمرك دون شعور منك، لأنه لديه القدرة على السيطرة على مناطق الإحساس لديك، فهو من يجعلك تفعل أفعالا لا تدرك سببها، وتنفعل وتغضب وتتألم وأنت لا تعرف كيف أتى لك هذا الشعور؟ وتكره من لم يفعل لك أي شيء، وكل ذلك من أفعاله وأنت في داخلك تجهل سببها، لو أدرك جميع البشر أن عدوهم في داخلهم، لم نصل لهذه المرحلة، ولم نسقط أو نجد من يساهم في سقوطنا، فأنت عندما تساهم في تدمير حياة الإنسان الشخصية أو العملية أو صحته، فانت تعطيه حسنات وإن لم تكن لديك حسنات تأخذ أعماله السيئة جميعها بسبب الإيذاء الذي تسببت له به، وأيضا تخرج من الإسلام، لأن من شروط أن تكون مؤمنا: أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك وهذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالشرير يعتقد أنه بطل في هذه الحياة، والحقيقة أنه يكسب معاصي الغير في يوم القيامة، وهو يوم لا مال فيه ينفعك ولا منصب سينفع في تلك اللحظة.
sahla_almadani