منذ اليوم الأول ظهر ابن العم على حقيقته يتعامل بكل القسوة وفي كل شيء -حتى في العلاقات الزوجية التي لم يطلب إلا الغريب منها- يطيل السهر مع ندماء السوء، لا يأتي إلى البيت إلا وقد غالبه الخمر لينام دون أدني شعور بمسؤولية الأسرة التي كونها، أسرعت أستنجد بأمي وأبي وكانت الكارثة الأخرى في قولهم (الستر واجب على ولد العم) وتمر الأيام وأنجب منه بدل الطفل ثلاثة، وتتحول حياتي إلى جحيم مستعر.
وكل هذا بسبب كلمة واحدة (البنت لولد عمها).
بينما تحكي لنا (ك- ص) أن عبارة (إنه عرس ابن عمك) كانت القاضية على كل أحلامي، بل حطمت هذه العبارة حياتي، فأنا الفتاة الجميلة التي تقدم لي العديد من الشباب للزواج فرفضتهم جميعًا على أمل الزواج من ابن عمي، ذلك الشاب الخلوق الوسيم المجتهد في الدراسة، وذات يوم إذا باتصال هاتفي من زوجة عمي تقول لأمي (يوم الخميس القادم إن شاء الله عرس ابني وأنتم أول المدعوين) لم أتمالك نفسي من الصدمة..
أردت بعرض هاتين القصتين أن ألقي الضوء على مشكلة مجتمعية مهمة من المشكلات، التي تتعلق باختيار شريك الحياة ألا وهي زواج الأقارب وظاهرة الحجر العائلي، على الرغم من أن أكثر من 70 % من الأمراض الوراثية في المملكة العربية السعودية ترجع إلى سبب زواج الأقارب، بل إن المملكة العربية السعودية من أكثر الدول في انتشار ظاهرة زواج الأقارب، فقد وصل نسبة زواج الأقارب لأكثر من 60 % مما يسهل عملية حدوث هذه الأمراض الوراثية في الأجيال المتتالية نتيجة هذا الزواج.
فضلا عن المشكلات الاجتماعية الناتجة عن ظاهرة الحجز العائلي وزواج (ولد العم)، وهنا أتساءل: أين إنصاف العاقلين في المجتمع؟، ولد العم إن كان فاسدًا تزوجته ابنة عمه من باب الستر على ما فيه من عيوب ومفاسد، وإن كان (ابن العم) صالحا ناجحا ترك له الحرية التامة في الاختيار، والضحية الوحيدة في جميع الحالات هي الفتاة المسكينة.
نعم (ابنة العم) هي الضحية، فإن كان ابن العم صالحا حرمت منه وتزوج هو بمَنْ يريد من غير العائلة، ونسيت الأسرة حجزهم لهذه المسكينة، وإن كان غير صالح نخرج لهم المقولة (البنت لولد عمها) تتجرع معه العذاب، وتنجب أولادا بأمراض وراثية بسبب الجينات وأمراض نفسية اجتماعية بسبب الخلافات الأسرية.
لذا أردت أن أكتب هذا المقال لإلقاء الضوء على مثل تلك العادات، التي جنت على العديد من الزهرات في مجتمعنا الحبيب، وهو أيضا همسة في أذن كل أب وأم لا تجبروا بناتكم على هذا النوع من الزواج، بل اقبلوا مَنْ ترضون دينه وخلقه، وأنتِ يا (ابنة العم) أنتِ -حبيبتي- تعيشين في مجتمعنا اليوم الذي أعطى لك كامل الحرية في كل شيء بما لا يخالف تعاليم ديننا الحنيف، ليس هذا المقال رفضا لزواج ابن العم أو ثورة عليه، ولكن نهدف منه ترك مساحة أكبر من الحرية لعروس المستقبل لاختيار الزوج المناسب لها، ولا يكون المعيار هو القرابة فقط
ويبقى السؤال: (ماذا أفعل في ليلة العمر..... ليلة الدخلة؟؟؟).
@alkhudaiir