إثر ما تردد خلال الأسبوع الماضي حول العزم على خصخصة التعليم، والمناطق التي سيتولى فيها القطاع هذا العمل، ورغم أن موضوع الخصخصة بشكل عام ليس موضوعًا جديداً وإنما هو مطروح منذ سنوات، كما أنه إن كان توجهًا جديداً في المملكة إلا أنه أسلوب ونظام متبع في كثير من دول العالم، وحقق نتائج طيبة في البلدان التي تم تطبيقه فيها، وانعكس أثره الإيجابي على عمل المؤسسات، التي شملها خاصة في مجالي الصحة والتعليم وغيرهما. مع ذلك ونظراً لحداثة هذا النظام فقد أثيرت الكثير من الأسئلة حول طبيعته والغرض منه وأهدافه ومنافعه وآثاره على الطلاب والمعلمين، وعلى مستوى عملية التعلم بكل جوانبها، ومع أن مثل هذا الموضوع لا يمكن الإحاطة به في مقال صحفي محدد المساحة والحجم مثل هذا المقال إلا أن إلقاء بعض الضوء عليه ربما يكون مفيداً وإن لم يكن كافيًا، وربما يكون دافعًا لمَنْ يطلع عليه إلى مزيد من البحث والمعرفة للإلمام بكل جوانبه وتفصيلاته، ومن أهم ما ينبغي أن يعرف في هذا المجال أن الخصخصة في التعليم هي من أهم أنواع الخصخصة، التي تلجأ إليها الدول لتطوير التعليم، والارتقاء بمدخلاته سواء كانت المناهج والمقررات أو الإستراتيجيات وأساليب التدريس، وكذلك رفع كفاءة المعلمين وقدراتهم من أجل تحسين مخرجات عملية التعلم. ويمكن توضيح الخصخصة باختصار على أنها نقل ملكية بعض المؤسسات التعليمية من القطاع العام (وزارة التعليم) وغيرها من الجهات ذات الصلة بالتعليم والتدريب إلى القطاع الخاص ليتولى هذا القطاع عمليات التطوير والتحسين، وعند نجاح الخصخصة الجزئية لهذه القطاعات فقد تتم الخصخصة الكاملة بحيث تقوم الدولة ببيع كل المنشآت والمدارس إلى القطاع الخاص، ومن فوائد الخصخصة الاقتصادية إضافة إلى أهدافها التربوية تخفيف الأعباء على الحكومة مما يساعدها على توجيه الاهتمام إلى المشروعات التنموية سواء من حيث جهود الإدارة والتشغيل أو من حيث الميزانيات الضخمة، التي تخصصها الحكومة للتعليم بكل مؤسساته ومراحله، كما أن مرونة عمليات الرقابة والإدارة في القطاع الخاص تساعد هذه المؤسسات على تحقيق أهدافها، ومن حيث أداء العاملين فلا شك أن الخصخصة تساعد أيضا على أن يكون مبدأ الكفاءة والخبرة هو العامل الأول في اختيار الكوادر التعليمية والإشرافية والإدارية، كما أنها ستزيد التنافس بين المدارس مما يعود نفعه لمصلحة الطلاب، ومع ذلك فرب قائل يقول: ألا توجد سلبيات للخصخصة أيضا؟؛ والجواب أن ذلك لا يمكن إنكاره، ولكن يجب العمل على مواجهته بالحلول التي تقلل آثاره، ومن ذلك لجوء بعض المدارس الخاصة لرفع التكلفة بما يزيد على إمكانات المواطن العادي، وهذا الأمر في بلادنا لن يكون له تأثير نظراً لتحمل الدولة تكاليف توفير التعليم، كما أن بعض الشركات الاستثمارية قد توجه الاهتمام أكثر إلى الحصول على الأرباح من الاهتمام بالتعليم وتطويره، وذلك يمكن مراقبته من قبل الوزارة وإعادة الأمور إلى نصابها. أما ما تردد حول وضع المعلمين وأجورهم وحوافزهم وشعورهم بالأمان الوظيفي فإن الدعوة التي وجهها الوزير للمعلمين للانصراف إلى تطوير أساليب التعليم وإستراتيجياته، وعدم القلق لانعكاسات الخصخصة على أوضاعهم، التي لن تتأثر لحرص الدولة على المحافظة على مصالحهم، فهي الجواب عن الكثير مما يقال ويتردد، ولذلك فإنني أدعو زملائي المعلمين إلى الاستجابة لدعوة معالي وزير التعليم، وأن يظلوا على يقين دائم أن الدولة ستظل توجه للتعليم والمعلمين كل الرعاية والاهتمام والحرص على توفير أفضل الظروف ليقوموا بعملهم بكل أمان واطمئنان.
Fahad_otaish@