يتهم المنتقدون رئيسي بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ترجع إلى عشرات السنين لكن أنصاره ينفون هذه الاتهامات.
وكان خامنئي قد عيّن رئيسي في منصب رئيس القضاء الرفيع في 2019.
وقالت الأمين العام لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار في بيان: «تخفي السلطات الإيرانية حتى اليوم الملابسات المحيطة بمصير الضحايا وأماكن جثثهم إخفاء ممنهجا يصل إلى حد الجرائم المستمرة ضد الإنسانية».
ودعت المنظمة من قبل إلى التحقيق بشأن دور إبراهيم رئيسي.
وقالت كالامار: «نواصل الدعوة إلى التحقيق مع إبراهيم رئيسي حول دوره في جرائم سابقة وحالية بموجب القانون الدولي بما يشمل دولا تمارس ولاية قضائية دولية»، مشيرة إلى تقرير أصدرته المنظمة عام 2018 ووثقت فيه دوره.
وأضافت إنه «يتعين أيضا التحقيق معه بخصوص حملة متصاعدة على حقوق الإنسان في السنوات الماضية».
نظام القمع
وفي وقت لاحق من ذلك العام كان رئيسي على رأس النظام القضائي عندما استخدمت السلطات المحاكم في قمع أسوأ اضطرابات سياسية منذ قيام الثورة 1979، وتزعم إيران: إن السلطة القضائية مستقلة ولا تأثير لأصحاب المصالح السياسية عليها.
قال هادي قائمي المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران الذي يتخذ من نيويورك مقرا له في بيان «رئيسي أحد أعمدة نظام يسجن من يجرؤون على انتقاد سياسات الدولة ويعذبهم ويقتلهم».
ورئيسي من الشخصيات متوسطة الرتبة في ترتيب رجال الدين في إيران وهو من كبار المسؤولين في السلك القضائي خلال معظم حياته المهنية. فقد شغل منصب نائب رئيس القضاء لمدة عشر سنوات قبل تعيينه مدعيا عاما في 2014.
واكتسب رئيسي سمعة باعتباره من الصقور، وتقول جماعات حقوقية: «إنه كان واحدا من أربعة قضاة أشرفوا على إعدام آلاف من المسجونين السياسيين عام 1988».
وقدرت منظمة العفو الدولية عدد من تم إعدامهم بنحو خمسة آلاف وقالت في تقرير عام 2018 «إن العدد الحقيقي ربما يكون أعلى».
قال مركز حقوق الإنسان في إيران: إن أولئك الذين تم إعدامهم «دفنوا في مقابر جماعية وفردية لم توضع عليها علامات وذلك بناء على تقييم لجنة حديثة العهد، وحوكم هؤلاء السجناء بالفعل وكانوا يقضون أحكاما بالسجن صدرت بحقهم».
دعوة أممية
وفي 2020 دعا خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان إلى محاسبة المسؤولين عن إعدامات 1988، وحذروا من أن «الوضع ربما يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية»، إذا واصلت الحكومة الإيرانية رفض محاسبة المسؤولين عنها.
وفي عام 2019 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيسي بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان من بينها إعدامات الثمانينيات ودوره في قمع الاضطرابات التي شهدتها البلاد في 2009.
ولم يطرح رئيسي، الذي خسر أمام الرئيس البراغماتي حسن روحاني في انتخابات 2017، برنامجا سياسيا أو اقتصاديا مفصلا خلال حملة الدعاية الانتخابية، وسعى لاستمالة الإيرانيين من ذوي الدخل المنخفض بإطلاق الوعود بالتخفيف من مشكلة البطالة.
غير أن وعوده بعدم «تضييع لحظة واحدة» من أجل رفع العقوبات الأمريكية أشارت إلى دعمه للمحادثات مع القوى العالمية التي ترمي إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وقال رئيس الوفد الإيراني: إن مفاوضي إيران والقوى العالمية الست أوقفوا محادثاتهم يوم الأحد للعودة إلى عواصمهم للتشاور لأنه لا يمكن حل الخلافات الباقية بسهولة.
وسيعزز فوز رئيسي بالرئاسة سلطة خامنئي في الداخل ويخشى ناشطون حقوقيون «أن يكون بداية لمزيد من القمع».
قال كسرى أعرابي المحلل الكبير المتخصص في الشأن الإيراني بمعهد «توني بلير للتغيير العالمي»: لم يكن ليسجل نفسه مرشحا إذا لم تكن فرصه في حكم المؤكدة، ومن المؤكد تقريبا أن قرار رئيسي بالترشح جاء بتوجيه من خامنئي نفسه.
غلاة المتشددين
في ضوء ما اتخذه مجلس من غلاة المتشددين يختص بالبت في أهلية المتقدمين بطلبات الترشيح من قرارات برفض مرشحين بارزين من المعتدلين والمتشددين لم يكن أمام الناخبين سوى الاختيار من بين مرشحين متشددين وعدد من المعتدلين المغمورين في الانتخابات.
وجاء الإقبال على التصويت كما هو متوقع منخفضا على نحو قياسي وسط تنامي الغضب على المصاعب الاقتصادية والقيود المفروضة على الحريات الشخصية.
قال علي واعظ المستشار بمجموعة الأزمات الدولية: «بعد أن بلغت إستراتيجياته الإقصائية ذروة جديدة، لم يترك مجلس صيانة الدستور مجالا للدهشة».
ومن قبل التصويت الذي جرى يوم الجمعة، يقول المحللون: إن فوز رئيسي في الانتخابات سيعزز فرصه في خلافة خامنئي الذي شغل هو نفسه منصب الرئيس مرتين قبل أن يصبح مرشدا عند وفاة الخميني.
وُلد رئيسي في 1960 بمدينة مشهد ونشط في الثورة التي أطاحت عام 1979 بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة، وظل يعلن إخلاصه «للقيم الجوهرية» التي يمثلها خامنئي.
وقال واعظ: «الدولة العميقة مستعدة للذهاب إلى حد تقويض أحد أعمدة شرعيتها لضمان بقاء رؤية خامنئي لمستقبل الثورة عندما يرتدي رئيسي عباءة الزعيم الأعلى».
وكان واعظ يشير إلى النظام الثنائي المعمول به في إيران متمثلا في الحكم الجمهوري وحكم رجال الدين.
ويقول منتقدون: إن رفض المجلس المسؤول عن البت في طلبات الترشيح لمرشحين بارزين من المعتدلين والمحافظين فتح المجال أمام الاستبداد، وهو اتهام تنفيه السلطات الإيرانية.