كانت الفقيدة شاعرة تجيد قول الشعر الفصيح، لم تكن تعلم حين كتابتها لهذه القصيدة أننا سنردد بعضًا من أبياتها بعد عقدين أو أكثر ومع كل حرف يتردد صوتها في مسمعي، وهي تلقيها كلما أقرأ تلك الكلمات.
عائشة عبدالله المعلمي، الأم والجدة والمربية، لها في الشعر جولات وصولات قراءة ونظماً حتى إنها وقبل ساعات من وفاتها كانت تتمتم بأبيات من عيون الشعر لكبار الشعراء.
«لم أتوقع أن يُشعرني الحزن بذلك القدر من الوحدة».
هكذا كان رد فعل زوجة على وفاة زوجها وحبيب عمرها، فعندما يتعود الزوجان على العيش معا، برحيل أحدهما، يُصبح الآخر وحيدًا وهو ما يُؤثر بالسلب على نفسيته، أيام مرت معها عائشة بكل أنواع المشاعر الممكنة في تلك المرحلة من حزن ومرارةٍ وفقد دفعتها لكتابة تلك الأبيات.
«وقد كنت لي خلا وفيا ومخلصا.. وتحمل عني الهم في العسر واليسر.. وقد كنت لي كالليث يحمي عرينه.. وقد كنت لي كالظل في شدة الحر».
بعض الخسائر مثل فقدان زوجٍ أو رفيقٍ مقرب تشعرك بالوحدة. كيف لا ونحن نعيش يومًا بعد يوم مع ذلك الشخص. نتشارك معاً الكثير في لحظات الحياة، وكما قال ناصيف اليازجي «وكم يمضي الفراق بلا لقاء.. ولكن لا لقاء بلا فراق».
فبعد فراق حياته يشعر المحب بأن الزمن توقف لديه ليعيش بعدها فى الذكريات والحنين، «الوحدة والحزن» مفهومان متلازمان وهما من أكثر المشاعر الإنسانية إرهاقًا بسبب توابعهما، وأن الصعوبة تكمن في مرور تلك الأيام.
ودارت عجلة تلك الأيام بدقائقها وساعاتها ولحظاتها، تعبت معها عائشة في حينها ولم تكمل عامها الرابع ثم لحقت بأحمد، الذي كان لها كل شيء قبل أن يرحل. رحمهما الله جميعاً، هي قصة بدأت وانتهت، وكما قال جبران خليل جبران: «الذكرى صورة من صور اللقاء»، فبعض الاشتياق لا يُحكى.
@Abdul85_