حول ما يحدث من خلل في سوق العمل على من يقع العتب واللوم، هل نلوم الوافدين أم الكفلاء أم أن سنوات التعليم والتدريب لم تكن كافية لتمكن الشباب من خوض تجربة العمل الحر المؤسسي أم أن الخلل في شبابنا؟
نحن أمام هذا المشهد كأننا أمام مسرحية هزلية وبين ثناياها ألم، فهذا الوافد الذي لم يتعلم في كلية ولا في معهد وجد بلدنا عبارة عن أكبر ورشة على كوكب الأرض اسمها (السعودية)، فمن أتى لا يفقه شيئا اليوم يتقن كل شيء بعد أن أعطي فرصا ذهبية للتطبيق العملي المدفوع بما يعرف بالتدريب على رأس العمل، كتلك البرامج المعمول بها في الشركات. الفرق أن في الشركات من يقوم بتقييم فترة التدريب ليقيس مدى استفادة المتدربين، ولكن مع الوافد المتدرب على حساب الوطن والمواطن يكمل جميع المتطلبات (التاسكات) قد يكملها بنجاح أو بفشل... فمن يقوم بدور التقييم لا وجود له!.
والآن بعد فترة التدريب المدفوع ثمنها نجد من أتى إلى بلادنا بتأشيرة مزارع أو حارس أو سائق خاص وغيرها من المهن، التي لا تتطلب مبالغ عالية للسداد كنوع من الاحتيال على النظام يكون الوافد قد استفاد من هذه (الحيلة) وتعلم له صنعة ليتحول من سائق وحارس الأمن إلى (مليس) فني جبس، حداد، نجار، سباك بينما شبابنا الخريجون مشغولون يبحثون عن وظائف قد لا تكون لها علاقة بما تعلمه طيلة سنوات الدراسة وبرواتب يا دوب تغطي تكاليف المعيشة وقلة من القلة من اختار طريق العمل الحر، ووجد نفسه يتمتع بدخل مجز.
مثال حي وما أكثر الأمثلة، أحد الزملاء لديه صيانة في منزله واحتاج لسباك، حصل على رقم أحد السباكين، وتواصل معه شارحا له المطلوب إصلاحه، وطلب منه 500 ريال مقابل أعمال بسيطة، وبحكم ندرة السباكين مع كثرة الطلب ما كان من زميلنا إلا أن يعطيه ذلك المبلغ مقابل ساعة ونصف الساعة تقريبا، للمعلومية هذا السباك يحمل إقامة (سائق) خاص! كم نتوقع الحصيلة نهاية الشهر؟
كلما كانت الوظيفة هدف الخريج التقني زاد عدد من يبحث عن الوظائف مما قد يزيد مؤشر البطالة، بينما في اتجاه الشباب لسوق العمل وتطبيق ما تعلموه في المعاهد والكليات على أرض الواقع، سيجد شبابنا انفتاح أبواب الرزق، وسيغلق باب الكفلاء، الذين أرهقوا اقتصاد البلد، ولن يجد الوافد مكانا عندما يجد أن الفني السعودي مطلوب ومرغوب، وهنا الكل ربحان الوطن والمواطن صاحب العمل، والشاب الذي يقوم بتنفيذ ذلك العمل، ومع مرور الأيام يكبر الشاب وتكبر معه آماله وأعماله ليقوم بتوظيف عدد من شباب الوطن بعد أن كان ينتظر في (طابور) الوظيفة... فهل من مشمر يا شباب ليبقى سمننا في دقيقنا!؟
Saleh_hunaitem@