وهذه الأرقام للعنف الجسدي أما العنف اللفظي فإن شتائم النساء للرجال لا تكاد تحصيها دراسة، فالعنف موجود في الطرفين سواء كان العنف ضد المرأة أم العنف ضد الرجل، وعلى الرغم من أن الدراسات منذ سبعينيات القرن الماضي أثبتت أن الرجال يتعرضون للعنف من النساء بنفس النسبة تقريبا، إلا أن الغرب وجمعياته ومنظماته وكل فروعه في عالمنا العربي تجاهلوا هذه الحقيقة، ومن لم يتجاهلها لم يعطها الاهتمام اللازم أو العناية اللازمة، ففي عام 1975 قام الباحثان موراي أ. ستراوس وريتشارد ج. جيلز في الولايات المتحدة على عينة تضم 2146 أسرة سليمة، وجد الاستطلاع ما يلي أن 11.6% من النساء، و12% من الرجال عانوا من عنف الشريك خلال الأشهر الاثني عشر الماضية وأن 4.6% من الرجال، و3.8% من النساء عانوا من عنف شديد من الشريك دفعت هذه النتائج غير المتوقعة سوزان ك. شتاينمتنر إلى صياغة المصطلح المثير للجدل «متلازمة الزوج المنتهك» في عام 1977م.
ولعل من الادعاءات غير الصحيحة في تفسير عنف المرأة تجاه زوجها أن هذا العنف في الغالب يكون دفاعا عن النفس، أو يكون تشفيا من أذى نفسي الحق بهن، لكن الباحث ستراوس أشار إلى حقيقة مخالفة تماما، وهي أن الرغبة بالسيطرة على الرجل هي التي تقف خلف هذا العنف النسوي.
وأنا بهذا المقال لا أريد أن أدخل في معركة من يغلب الرجل أم المرأة في العنف ضد الآخر؟ ولكني أردت أن ألفت النظر إلى أن ننظر للمسألة بعدالة، فكما أن المرأة تظلم من قبل الرجل فكذلك الرجل يظلم من قبل المرأة في العنف اللفظي أو الجسدي، وعلى الرغم من أن شكوى الرجال من عنف النساء أقل إلا أن الأرقام تفيد أن النسب متقاربة.
بعد هذا العرض نقول إن الإسلام وحده الذي يحقق التوازن في مكافحة العنف، فمنع العنف ضد جميع أفراد الأسرة وليس فقط ضد المرأة أو الرجل، فقد قال رسولنا الكريم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فاللسان في الحديث تعبير عن العنف اللفظي، واليد تعبير عن العنف الجسدي، وقال رسول الله (لا تضربوا إماء الله) و(أوصيكم بالنساء خيرا) و(النساء شقائق الرجال) و(خياركم خياركم لأهله وأنا خياركم لأهلي)، فهذا توجيه للرجال والنساء بألا يستأسد أحدهما على الآخر، فلا الرجل يتفاخر بذكوريته ولا المرأة تتخلى عن أنوثتها وتتنمر على الرجل، فالعنف ممنوع ضد كل أفراد الأسرة.
@drjasem