سعت المملكة للنمو الاقتصادي وتنويع مصدر الدخل للدولة، وعدم الاعتماد فقط على النفط لتنمية مستدامة تضمن حق الأجيال القادمة في العيش برفاه، وكانت الرؤية 2030 مصداقا لهذا التحول الوطني والتنمية في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية وارتفاع نسبة التضخم، وتغير الأوليات.
انتشرت مصطلحات الوعي والتخطيط المالي الشخصي والأسري والذكاء المالي للمساعدة على إدارة الدخل والتحكم في الرغبات والقرارات، فالبعض يجد صعوبة في ضبط نفقاته مقارنة بدخله ويدخل نفسه في دوامة من القروض من الآخرين أو البنوك أو بطاقات الائتمان، التي تعرضه للتعثرات المالية والتي بدورها تؤثر على استقراره حين يكبل بهمِّ الديون وينعكس ذلك على صحته وسعادته وجودة حياته.
كما تساهم الرعاية المالية للأشخاص والجماعات في تقليص مهاراتهم للاعتماد على أنفسهم في تحسين دخلهم والتعامل مع الأزمات المالية حين تنقص السيولة اللازمة في الطوارئ أو عند الاحتياج فتجعلهم دائما في دائرة ذوي الدخل المحدود، وكذلك ضعف الإدارة المالية لذوي الدخل المتوسط والمرتفع حين لا تكون هناك سياسة مالية تحكم النزعات الاستهلاكية والمجاملات الاجتماعية.
في سوق الأموال وإدارة المال والأعمال والتجارة والمشاريع بات يتداول مصطلح الذكاء المالي والذي يشير إلى قدرة الفرد على استيعاب وفهم الشؤون المالية وتحليلها وإدراك آثارها والتفاعل معها ومع الأطراف الأخرى المرتبطة.
والبعض يرجح أن الذكاء المالي هو جينات وراثية مكتسبة في قدرة الشخص على ضبط نفقاته وإدارة أمواله، ولكن علم النفس السلوكي يفسره بأنه صفة مكتسبة تعتمد على تعامل المرء مع المال والعوامل الاجتماعية والاقتصادية حوله وطموحاته الشخصية وقدرته على ضبط رغباته الشخصية ونزعاته الاستهلاكية.
من بوادر الذكاء المالي تلمس حاجة المستفيدين الاستهلاكية أو للخدمات مما ينتج عن ذلك تأسيس وإدارة وتطوير مشاريع تجارية بطريقة ناجحة.
وكذلك القدرة على تخطيط الميزانية الشخصية وميزانية الأسرة، بحيث يتجنب الفرد الدخول في أزمات مالية غير متوقعة قدر الإمكان بالاستعداد المبكر من خلال الادخار واستثمار الدخل حتى لو كان محدودًا، وتطوير المهارات المطلوبة لتحسين الدخل والقدرة على تمييز المتطلبات الأساسية وتقنين مصاريفها والكماليات المهمة أيضا ولكن بدون المبالغة في الإنفاق عليها خصوصا مع تطور التسويق والذكاء الاصطناعي الذي سهل التبضع، وعزز الاحتياج للكثير من المنتجات والسلع والخدمات بغض النظر عن ضرورتها.
ولأهمية التنمية الاقتصادية في تحقيق رؤية المملكة فإن تنمية الدخل تبدأ من تطوير العقل البشري منذ الطفولة في التعليم بأن تكون المناهج التعليمية متوائمة مع تحقيق هذا الهدف بإدخال مفهوم الذكاء المالي، وتأسيس وإدارة المشاريع والإدارة المالية، وكذلك تعليم المهارات والحِرَف التي تساعد الطلبة على تحسين دخلهم المالي كان مشروعًا قاموا على تأسيسه أو العمل فيه أو لجانب دراستهم أو وظيفتهم لاحقا.
وسيساهم تأسيس مؤسسة مالية لا ربحية للربط بين الخدمات التي تقدمها الدولة من قروض ميسرة واستشارات مهنية وفي ريادة الأعمال والدورات التأهيلية ومتابعة المشاريع لتكون جهة واحدة تساعد المقبلين على العمل أو ذوي الدخل المحدود حتى من الموظفين في الاستعانة بها لتحسين الدخل.
DrLalibrahim@