منذ دحر العرب الاستعمار الغربي، والغرب يحرص على تعيين شرطي للمنطقة يدين له بالولاء، ابتداءً من إسرائيل التي فشلت في هذا الدور رغم امتلاكها أربعين قنبلة نووية، وترسانة أسلحة ضخمة، وتمتعها بدعم كامل من الدول الكبرى؛ ويعود سبب ذلك الفشل إلى ضعف اليهود في المواجهة الحربية المباشرة، وهي صفة ثابتة فيهم، إذ إن كل انتصاراتهم كانت بفضل التدخل المباشر من القوى العظمى، والتسليح المتقدم المستمر على نفقة دافع الضرائب الأمريكي، ولمحدودية أعدادهم مقارنةً بالأمة العربية، ولاستحالة تقبل العرب والمسلمين لهم كأقلية مهيمنة، ومن أجل هذا ترك الغرب فكرة شرطي المنطقة واستخدم فكرة أخرى قائمة على إسقاط الأنظمة العربية الملكية في تلك الحقبة، وزرعَ جمهوريات عسكرية قامعة لشعوبها تدين له بشيء من الولاء. ورغم ذلك كله حافظ العرب على قدر من الأنفة في وجه الغرب كنتيجة طبيعية لعمقهم التاريخي وإرثهم، فتبنى الأخير فكرة تقوم على ادعاء حماية الأقليات من الأغلبيّة، وذلك عبر منحها السلطة وتمكينها من قمع هذه الأغلبية كما حدث في سوريا لضمان عدم تمكين المكون السني، الذي يؤمن بمعتقدات ساهمت في بقاء الخلافة والحضارة العربية قرابة الألف عام من تاريخ البشرية، ووفرت خلالها أرقى أشكال الحماية للأقليات الدينية والمذهبية والعرقية، ورغم كل هذا الدعم الغربي، فشلت تلك الأقليات في بناء دول قوية مستقرة ندّة للمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية.
وعلى إثر فشل كل المحاولات الغربية في زرع جسد يسيطر على المنطقة ويحكمها ويدين بالولاء الكامل للغرب، قامت فرنسا بغرس بذرة حُكم الخميني بعد إذ أيقنت بأنه يحمل فكراً طائفياً وعرقياً كالح السواد يمقت العرب، وتمكن الخميني بعد ذلك من زرع تلك الأفكار الطائفية والعنصرية في الدستور الإيراني ليؤسس قولاً وفعلاً لنظام ذي نزعة توسعية عدوانية في المنطقة، وقام كذلك بتصنيف شعوب ودول المنطقة غير الخاضعة لنفوذ إيران أعداءً افتراضيين!؛ ويعني هذا أننا نقف أمام عدو يتصف بالجنون، ويتسربل بثياب المذهبية، ولذلك صدر قرار إدارة أوباما باختيار ملالي إيران شرطياً للمنطقة عبر رفع كل العقوبات عنهم لخدمة مشروع الفوضى الخلاقة وتقسيم المنطقة، فانتفض عرب الجزيرة العربية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فكان دعم مصر لضمان بقاء الدولة المصرية، وعدم انهيار مؤسساتها أمام الشغب والفوضى، وكانت عاصفة الحزم في اليمن للحفاظ على اليمن عربياً موحداً بعيداً عن الميليشياوية والطائفية والتقسيم.
ومع أن الغرب يشعر بالمرارة لاستمرار سيطرة العرب على دولهم ومناطقهم إلا أن المجتمع الغربي مجتمع مصالحي (براغماتي) سيخضع للأمن والسلام، الذي فرضه العرب في دولهم، وأعتقد أن الإشكال ليس في الغرب وإنما في بعض الأقليات، التي تريد أن تعيش وهم المظلومية، ولا تسعى بعض القوى الخارجية كإيران لحمايتها كما تدعي، وإنما لمنحها حق وسلطة الأغلبية، والتغول على سكان المنطقة العربية؛ فبعض الأقليات في الوطن العربي اعتادت على منحها حقوق الأغلبية، بل وقيامها بقمع هذه الأغلبية، كما فعل الحوثي بأغلبية أهل اليمن.
@falkhereiji