تشكل البطالة هاجساً لدى معظم دول العالم ودول العالم الثالث على وجه الخصوص لما يترتب عليها من آثار سلبية اجتماعية واقتصادية وصحية بل وأمنية أيضاً، ولذلك فإن الدول والحكومات تبذل الجهود المستمرة لإيجاد الحلول للتخلص منها حتى إن الأمن الاقتصادي والاجتماعي للدول يقاس بانخفاض معدلاتها، كما أن نجاح الحكومات في تخفيض نسبة البطالة يعد من الإنجازات لهذه الحكومات. ومع أن بلادنا والحمد لله تتوفر فيها الفرص الوظيفية التي تزيد على أعداد طالبي الوظائف من المواطنين، وهي ما زالت ومنذ سنين عديدة تستقدم الملايين من رعايا الدول الصديقة والشقيقة لسد الاحتياج في كثير من المهن والأعمال إلا أن المواطنين الذين يدخلون سوق العمل تتزايد أعدادهم كل يوم، وخاصة في القطاع العام الذي وصلت فيه نسبة الموظفين من الشباب والفتيات 100% في كافة المهن، كما أن التحاق المواطنين في القطاع الخاص يشهد أيضاً تزايدا في أعداد السعوديين، خاصة بعد أن أخذت المرأة المواطنة تتقدم لإشغال هذه الوظائف دون تردد، كما أن كفاءة هؤلاء الشباب زادت من رغبة أصحاب الأعمال في استقطابهم بعد أن تزايدت الثقة بهم، وبقدرتهم على أداء الواجبات والمهام التي تتطلبها أعمالهم، خاصة وأنهم في أغلبهم من الشباب الجامعيين والمتعلمين في جامعات المملكة وفي الخارج، فقد شهدت مهن عديدة كان العمل فيها يقتصر تقريباً على غير السعوديين تولي الشباب السعوديين شباناً أو فتيات القيام بها، وخاصة في القطاع الطبي سواء من الأطباء والطبيبات أو الكوادر الصحية المساعدة والممارسين، كما أن السياسة التي تنفذها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في تمكين الشباب السعودي ذكوراً وإناثاً من إشغال الوظائف أدت هي أيضاً إلى ارتفاع نسبة السعودة في مؤسسات القطاع الخاص مدعومةً بما اتخذ من إجراءات تنظم هذه العملية من حيث تصنيف المؤسسات والقطاعات في نطاقات حسب نسبة السعودة في التوظيف، أو من حيث قصر بعض المهن على السعوديين ومنع غيرهم من مزاولتها. ومع ذلك كله ورغم هذه النجاحات إلا أن البطالة الهيكلية ما زالت موجودة، وهي تعني وجود عمالة لا تجد الأعمال التي تناسبها وتستطيع القيام بها مقابل وجود فرص للعمل تتطلب مهارات وكفايات لا تتوافر في بعض الباحثين عن العمل، ومع أن هناك محاولات عديدة لتوجيه هؤلاء لبرامج التدريب والتأهيل التي تعدهم وتدربهم للقيام بمهن ووظائف تتطلب مهارات عملية بحيث يتم تدريبهم على هذه المهارات من خلال مؤسسات ومعاهد التدريب المهني والتقني إلا أن هذا النوع من البطالة ما زال موجوداً، لكن ما كشفت عنه الهيئة العامة للإحصاء من انخفاض نسبة البطالة للسعوديين إلى 11.07% من الربع الأول عام 2021 مقارنة بـ12.6% خلال الربع الذي سبقه مع ارتفاع في معدل المشاركة الاقتصادية للقوى العاملة في إجمالي السكان السعوديين وغير السعوديين، وذلك وفق تقديرات مسح القوى العاملة الذي تجريه الهيئة بشكل ربع سنوي، خاصة وأن هذا الانخفاض يجيء بفعل ما يتم اتخاذه من إجراءات من قبل الدولة، كما أنه أيضاً مؤشر على إقبال السعوديين على إشغال الوظائف المتاحة، وعدم انتظار أعمال محددة دون غيرها، كما أنه مؤشر أيضاً على تزايد ثقة المؤسسات والشركات في العامل السعودي، وإقبالها على توظيفه، وقيامه بما يوكل إليه، وهي مؤشرات تبشر بتراجعات أخرى في معدلات البطالة -إن شاء الله-، خاصة مع انتهاء أزمة كورونا قريباً -إن شاء الله-، وعودة المؤسسات والشركات إلى استئناف مشاريعها وأعمالها بالمستويات التي كانت عليها قبل الجائحة، بل وبمستويات أفضل -إن شاء الله-، وصولاً إلى معدل صفر% من البطالة بين المواطنين -إن شاء الله-.
@Fahad_otaish