وفي أحدث الهجمات، انفجرت طائرة مسيرة في صالة طعام يستخدمها أمريكيون داخل مطار بغداد، فيما تضررت حظيرة طائرات أمريكية شمال العراق في هجوم آخر بطائرة مسيرة.
وتأتي هذه الهجمات في سياق تزايد استخدام الطائرات المسيرة في المنطقة، سواء لأغراض الاستطلاع أو المراقبة أو لتنفيذ هجمات تشنها دول في المنطقة أو ميليشيات سواء في العراق واليمن وسوريا أو مناطق أخرى.
وتمتلك إيران واحدا من أطول برنامج تشغيل الطائرات المسيرة، كما يوضح فريدريكو بورساري – الباحث في معهد الدراسات السياسية الدولية.
ويضيف إن إيران، وفي ظل العقوبات الدولية ونقص التحديث في سلاحها الجوي، أدركت منذ وقت طويل أن الطائرات المسيرة، التي تزود بها حلفاءها في أماكن أخرى، يمكن أن تمثل إضافة لقوة سلاحها الجوي فضلا عن أن هذا يعطي طهران «إنكارا معقولا» (عن أي مسؤولية عن شن هجمات بطائرات مسيرة).
المصدر «إيران»
وتُستخدم الطائرات المسيرة من المحتمل من قبل الميليشيات العراقية في هجماتها التي تستهدف القوات الأمريكية أو من قبل الحوثيين في اليمن ضد السعودية، فيما يتفق الخبراء على أن إيران هي مصدر هذه التقنية بالنسبة لدول الجوار.
ويشير بورساري إلى أنه رغم ذلك يمكن لإيران إنكار أي صلة لها بهذا الأمر.
وفي مقابلة في DW عربية، يضيف «من وجهة نظر طهران، يمثل هذا الأمر أفضلية إذ إن الطائرات المسيرة التي تمتلكها يمكن استخدامها في ممارسة نوع من الضغط السياسي».
من جانبه، يحذر فابيان هينز، محلل في شؤون الشرق الأوسط ومتخصص في الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية، من تداعيات استخدام الطائرات المسيرة في الشرق الأوسط.
ويؤكد أن انتشار الطائرات المسيرة في الشرق الأوسط يعد أمرا خطيرا لكونه يعمل على «تغيير التوازنات العسكرية أو التسلسلات الهرمية العسكرية في المنطقة».
ويوضح هذا الأمر بقوله: «في الماضي، كنا نستطيع توقع ما سيسفر عنه أي صراع قد يندلع استنادا لما تملكه الدول المتحاربة من عتاد عسكري يتعلق بالطائرات الحربية والتدريبات، وهذا يعطي تقييما للقوة العسكرية لهذه الدول، لكن الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية عملت على تغيير هذه المعادلة».
وعلى وقع هذه التحذيرات، يرى مراقبون أن الحل الرئيسي للتعاطي مع الاستخدام المتنامي في الشرق الأوسط للطائرات المسيرة يتمثل في إيجاد تنظيم جيد لهذا الاستخدام.
ووفقا لآخر إحصائية أُجريت في مارس 2020، فإن أكثر من 102 دولة تمتلك طائرات مسيرة عسكرية بالإضافة إلى ما يقدر بـ 63 تنظيما أو جهة غير حكومية.
الإستراتيجيات العسكرية
وفي ذلك يقول أستاذ الدراسات السياسية والمستشار الخاص المعني بالطائرات المسيرة للحكومة البريطانية جيمس روجرز «عندما يتعلق الأمر بالإستراتيجيات العسكرية، فسيكون فعالا جدا استهداف مصادر ونقاط، حيث يتم تصنيع هذه التكنولوجيا أو من خلال القضاء على الأفراد الذين تلقوا تدريبا عاليا على صنعها».
ورغم ذلك، يشير روجرز الذي يقيم حاليا في الدنمارك إلى أنه «عندما تكون هناك علاقة واضحة جدا بين دولة ما كمورد - على سبيل المثال تزويد الطائرات المسيرة للميليشيات في العراق أو الحوثيين باليمن - ففي هذه الحالة قد تكون هناك وسائل دبلوماسية أخرى أعتقد أنه يجب أن يتم تبنيها جنبا إلى جنب مع الطرح الأول، كما يتعين أن يتماشى شن أي ضربة مع القانون الدولي وأن يدعم سيادة الدول ولا يقوضها».
وتمكن روجرز خلال تواجده في الشرق الأوسط من فحص بعض الطائرات المسيرة الخاصة بالحوثيين بشكل دقيق.
وفي هذا الصدد، يقول في مقابلة مع DW: إن هذه الطائرات المسيرة مستوحاة من طائرات تصنعها إيران فضلا عن أسلاك من الصين وكاميرات رقمية حديثة من كبرى الشركات العالمية، فيما تأتي المحركات من مجموعة متنوعة من شركات أوروبية.
من جانبه، يرى هينز أن تقريرا أمميا قد أشار إلى أن هناك أدلة بأن إيران تقوم بتزويد وكلائها في الدول الأخرى بتصميمات لطائرات مسيرة عسكرية.
تسليط الضوءوكان التقرير الذي أعده خبراء من الأمم المتحدة قد سلط الضوء على مكونات طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون ضد أهداف في السعودية.
ويدفع ما خلص إليه هذا التقرير هينز وروجرز إلى الاتفاق على أنه في الوقت الذي يمكن فيه السيطرة على تصدير تكنولوجيا الطائرات العسكرية المسيرة، فإنه سيكون من المستحيل بشكل كبير منع وصول الطائرات المسيرة لأغراض تجارية إلى أيدي الجهات أو التنظيمات غير الحكومية في الشرق الأوسط التي قد تستخدمها لأغراض إجرامية.
ويسلط روجزر الضوء على أمثلة عدة لما أطلق عليه «الحرب التي يتم التحكم فيها بعد» والتي قال: إنها تبدو أقل خطورة وأقل تكلفة.
ويضيف «يمكن إرسال مركبة يتم التحكم فيها عن بعد إلى المناطق الحدودية دون التعرض لخطر إسقاط طيار أو القبض عليه. ويمكن أيضا مراقبة مناطق كبيرة دون الحاجة إلى اجتياز الحدود، ولذا فقد بدأنا في رؤية أساليب مقلقة (في استخدام هذه التكنولوجيا)».
وعلى الرغم من التشاؤم الذي يسود خبراء الطائرات المسيرة حيال إيجاد ضوابط فعالة وشاملة لهذا الأمر، فإن روجرز يرى أن النقاش الدائر والتفكير في تداعيات استخدام الطائرات المسيرة يعد أمرا حيويا بالنسبة لمستقبل الصراعات وحقوق الإنسان.