ما هو الحب؟
يعتقد البعض أن الحياة هي حب وعشق وهيام، ومَنْ لا يحمل قلبا أخضر يعشق كل ما هو جميل ناقص الحياة والذوق، ويجب أن يعالج، وهذا نوعا ما صحيح، ولكن فيه مشكلتان تحتاجان إلى مراعاة ويمكن استنباطهما من خلال القراءة في حكم عن الحب والحياة.
الأولى قصر الحب على حب الشاب لفتاة أو الفتاة لشاب، وهذا يتسبب في مصائب. فالبعض يتعلق بالطرف الآخر، وتجد حياته كلها متابعة لهذا الطرف وأحيانا انخداعا، خصوصا في الجانب النسائي بمَنْ يسوق الحب وهو أبعد الناس عن الحب، ولا يحمل إلا الدناءة بأسوأ صورها، يجب معرفة أن مفهوم الحب كبير وواسع، وأعلاه حب الله جل جلاله، الذي أكرمنا وأنعم علينا بنعم لا تحصى تستحق معها الحب والحمد، ومن الحب حب الوالدين وما يتبعه من القيام بحقوقهما، فقد قدما الكثير والكثير لأولادهما مما يستحق الحب، ومن الحب حب الأقارب والأرحام والأصدقاء والزملاء، ومن الحب حب الإنجاز والتميز، وقد تغني أنواع الحب هذه عن الحب بمفهومه الضيق، والتاريخ يتحدث عمن أشغلته إنجازاته عن حب فتاة أو فتى.
وللحب بمفهومه السامي ما ذُكر في أقوال الإمام الشافعي في الحب، حيث قال -رحمه الله-: تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديع لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمَنْ يحب مطيع في كل يوم يبتديك بنعمة منه وأنت لشكر ذاك مضيع.
الحب في الاسلام؟
ولكون الدين الاسلامي يؤمن بالحب لأنه أمر جبري، والشريعة لا تحاسبك على أمر جبري، ولكن الإسلام يقول لك إذا أحببت لا تخطئ وحذاري أن تخلط بين هذا المعنى السامي الرفيع، وبين ما يحدث في العلاقات المحرمة خارج نطاق الزواج.
متى يكون الحب حراما؟
فعندما يتملك الحب من القلب، فيصبح الشعور الوحيد الذي لا يمكن السيطرة عليه ويكون هذا الشعور هو المتحكم والدافع بين الجنسين إلى علاقة خارج إطار الزواج يكون مُحرّماً، فالحُرمة ليست في ذات الحبّ.
ما معنى الحب في الله؟
لأن الحب أسمى المعاني والقيم الإنسانية، وحينما يكون نقيا بلا غاية مادية أو مصلحة شخصية، تكتمل أركان الحب في الله، ويشعر المرء تجاه أخيه بمشاعر حب ليس من أجل مصلحةٍ زائلةٍ، أو حاجة مادية، وإنما غاية هذا الحب هي ما ذكره مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ «صلى الله عليه وسلم» يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ فيَقُولُ:
«الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، يَغبَطُهم النَبيُّون والشُّهَداء».
كيف نحقق الحب وكمال الذل في الصلاة؟
لكون حب الله عبادة، فهو يأتي على مراتب، فكلما زاد حب العبد لله ورسوله زاد حب الله عز وجل لهذا العبد، وحب الله قد يترجم على شكل خضوع في الصلاة، ويتحقق هذا الشعور عندما يشعر المرء بذله وضعفه وخضوعه لله عز وجل، فهو اختار الذل إلى الله لينال العزة.
نأتي للحكمة الثانية في الحب والحياة: وهي المشكلات، حيث إن تعظيم حجم الحب يتسبب في خلل بترتيب الأولويات. فالبعض يترك بناء نفسه وتطوير ذاته وأن يكون شيئا مذكورا في هذه الحياة لتعلقه بفتاة أو لتعلقها بشاب مع أن الأمر كما قال أبو الحارث عن جميل بثينة لو فقدا الطعام فكيف بفقد ما هو أكبر؟!
الحب بين الزوجين؟
ولا يكفي الحب بين الزوجين لبناء أسرة سعيدة فيها من المودة والرحمة الكثير، وإنما يجب
أن تكون الأفعال بينهما أبلغ من الكلام، وأن يعرف كل منهما حقوق وواجبات الطرف الآخر، ويكرس كل طرف نفسه وطاقته لإسعاد الآخر، بحيث لا يكون هناك مكان للأنانية.
يجب أن يدرك العاشق المتيم ما معنى الحب، وأنه حتى مع فقد المال والنجاح ومراعاة الحقوق سيكون الحب ناقصا حتى لو كان في بدايته جارفا.
@shlash2020