رأيت تصريحا للأستاذ الكبير سعيد السريحي وهو يقول: منصات التواصل منحت حق التحدث لمن لم يكن يستطيع الحصول على مقعد للاستماع لحديث الآخرين.
وأنا لا ألومه في غضبته المضرية تلك بل وأتفق معه تماما، ومن حق أي فئة أو شخص أن يستميت في سبيل الدفاع عن مكتسباته وما يرى أنه حقه وبعض صنائعه، وللعلم فقد سبق الدكتور السريحي آخرون كانوا يطالبون بكتم كل صوت يختلف معهم في الآراء الفقهية المختلف فيها من القرون الأولى ولو بحجة التخصص مع أنهم يعلمون أن التخصص ثقافة محدثة ومع أنهم يتنازلون عن هذا الشرط ابتداء حينما يتفق المتحدث معهم في الأفكار والأهداف.
وهذه التصرفات بغض النظر عن دوافعها نابعة من باب فرض الوصاية على الآخرين وليثبت كل صوت أنه الأعلى والأغلى.
الغريب أن هذه الثقافة تمددت كثيرا حتى أصبحت سمة مجتمعية يندر أن شخصا سالما منها ويختار الحياد والحق حتى محدثكم.
ورغم أنني ذكرت في أول مقال أنني سأكتب وفق قناعتي لكن ها هي أول شروط الوصاية أن تكون وفق قناعة الشارع الخليجي والمسلم لكنه نسي أن يستدرك (من منظوري) وإلا فالرجاء عموما لا مشاحة فيه.
لقد أصبح الجميع يتمنون أن يكون الجميع نسخة مكررة منهم وهذه أمنية تتنافى مع أبسط مقومات حياة البشر لكنهم لم ولن ييأسوا.
فأنت ترى أنه لا يلبث أي متحدث أو كاتب أن يطل من أي نافذة حتى يسعى الجميع لاحتوائه وقولبته في قوالبهم ولا يكفيهم أن يتفق معهم في تسعة أعشار الأمور بل لا بد أن تكون متفقا تماما أو فأنت قطعا في الصف المقابل بغض النظر عما اتفقتم عليه.
أخيرا كن مستمعا جيدا لنصائح الجميع لكن لا تسمح لأحد مهما كان أن يكون وصيا عليك.
ترنيمة
حتى متى أصلى جحيم مبادئي
وأعيش عيش توجس وترقب
أنا لست أزعم أنني أذكى الورى
لكن أظن بأنني أذكى غبي
في عالم مترنح متناقض
ضاقت به أرجاء صدري الأرحب
@ Sfh5440