مؤشر البطالة لا يعكس بالضرورة حالة التشغيل في سوق العمل، وهذا المؤشر يمكن أن يزيد أو ينقص بدون أن يتغير عدد المشتغلين، ولذلك لابد من الحذر عند قراءة وتحليل هذا المؤشر وعدم الاعتماد عليه فقط عند الرغبة في معرفة نجاح المبادرات والقرارات التي يتم تطبيقها على سوق العمل، ولذلك حينما نبدأ بتشخيص سوق العمل من المهم أن تكون البداية بتوضيح «مؤشر المشاركة في القوى العاملة» وهو عبارة عن نسبة قوة العمل «المشتغلين والمتعطلين» إلى السكان في سن العمل ١٥ سنة وأكثر.
لو قسمنا النقاش لشقين، الأول عن معدل البطالة والشق الثاني عن معدل المشاركة في القوى العاملة، سنجد في آخر إحصائية لسوق العمل «الربع الأول لهذا العام» أن معدل البطالة الإجمالي انخفض ليصل ما يقارب ٦.٥ ٪ مقارنة بـ ٧.٤ ٪ من الربع السابق، وحسب الإحصاءات نجد أن انخفاض بطالة غير السعوديين «ذكوراً وإناثًا» كان له الدور الأكبر في انخفاض معدل البطالة الإجمالي مقارنة بالربع السابق، وتبين لنا أن معدل البطالة للسعوديين انخفض لمستوى ممتاز مقارنة بالربع السابق، وكان لانخفاض بطالة الإناث السعوديات دور كبير لهذا الانخفاض في ظل الارتفاع البسيط لمعدل بطالة الذكور لنفس الفترة مقارنة بالربع السابق.
نأتي للشق الثاني والمختص بمعدل المشاركة في القوى العاملة، سنجد في آخر إحصائية لسوق العمل «الربع الأول لهذا العام» أن معدل المشاركة في القوى العاملة ارتفع ارتفاعا بسيطا من ٦١ ٪ الى ٦١.١ ٪ مقارنة بالربع السابق، وحسب الإحصاءات نجد أن هناك ارتفاعا في معدل المشاركة لغير السعوديين «خاصة الإناث منهم» مقابل انخفاض واضح في معدل المشاركة للسعوديين مقارنة بالربع السابق.
ما تم توضيحه أعلاه يفتح عدة تساؤلات مهمة لمعرفة الأثر من انخفاض معدلات البطالة، وإجابة تلك التساؤلات بالتأكيد سنجدها من وزارة الموارد البشرية «وكالة السياسات تحديداً» بالإضافة لهيئة الإحصاء: ما أسباب انخفاض معدل المشاركة للذكور والإناث السعوديين في آخر تقرير مقارنة بالربع السابق؟، ما العوامل الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية التي أدت إلى هذا الانخفاض؟، وما أسباب ارتفاع معدل المشاركة لغير السعوديين خاصة الإناث مقارنة بالربع السابق؟.
زيادة المشاركة في القوى العاملة للسعوديين يعتبر هدفا استراتيجيا عاما، وهذا الأمر لا نختلف عليه، ولذلك من المهم أن نجد توضيحا أكبر في الإحصاءات القادمة عن هذا المؤشر حتى تتضح الصورة بشكل أكبر عن واقع سوق العمل وتأثير المبادرات والقرارات التي يتم تطبيقها بشكل متسارع، فالتعامل اليوم هو تعامل مع «ثروة بشرية» والتي لا يوازيها أي ثروة أخرى.
اليوم ولله الحمد نرى تحسنا كبيرا في كثير من المؤشرات الاقتصادية تماشيًا مع مستهدفات رؤية المملكة، ومتفائلون بتحسن أكبر خلال الفترة القادمة، وأحد أهم الوكالات في وزارة الموارد البشرية التي كانت لها بصمات إيجابية في هذا الجانب هي الوكالة المعنية بالشؤون الدولية، وكوجهة نظر شخصية أرى أهمية بأن يكون هناك «استضافة إعلامية مباشرة» لوكيل وزارة الموارد البشرية للسياسات أو مساعده بالإضافة لممثل عن هيئة الإحصاء لتوضيح العوامل الاقتصادية التي تتسبب في انخفاض وارتفاع معدل المشاركة في القوى العاملة حتى تتضح الصورة بشكل أكبر للعموم.
ختاماً: الاستمرار في تنمية الثروة البشرية هو أساس للتحول لمجتمع معرفي يزداد فيه معدلات التراكم المعرفي، فنحن اليوم أمام تحديات وقادرون على تجاوزها بدون أي استثناءات باستخدام تعاريف ومعادلات، فالهدف الذي نتفق عليه هو وجود ثروة بشرية سعودية عاملة «بشكل كامل» و«بشكل تنافسي».
@Khaled_Bn_Moh