وقال الراعي: «حري بالأطراف اللبنانيين أن يلبننوا الحل الدولي بتقديم مشاريع حلول بنَّاءة عوضًا عن الإمعان في هدم الموجود دون تقديم بديل واقعي ينسجم مع الشراكة المسيحية ـ الإسلامية، وجوهر وجود لبنان الكبير، ودوره الحضاري في المنطقة».
مساعدة الشعب
وثمَّن الراعي ما يقوم به بعض الدول لمساعدة لبنان، وقال: «إننا بالامتنان نثمّن المساعي التي تقوم بها هذه الدول للتخفيف من معاناة اللبنانيين، كل اللبنانيين، في مجالات الصحة والغذاء والتعليم والطاقة، ونشجع المترددين حتى الآن إلى مساعدة شعب لبنان، بعيدًا عن أي اعتبار عقائدي أو سياسي، فلا سياسة في الحالات الإنسانية، والصديق عند الضيق».
وأكد البطريرك أنه مطلوب من الدولة اللبنانية - وبإلحاح - ملاقاة المجتمع الدولي من خلال تأليف حكومة تتمتع بالمواصفات الإصلاحية والحيادية.
إن العالم يكرر نداءاته، فيما المعنيون بتشكيل الحكومة يمتنعون عن القيام بواجباتهم الدستورية والوطنية حتى شكليًا.
وقال: «رغم الانهيار الشامل لا يزالون يتبادلون الشروط المفتعلة قصدًا لتأخير تأليف الحكومة. فلا عبارة الاتفاق مع الرئيس المكلف تعني تعطيل التشكيلات المقدمة، ولا التكليف يعني تكليفًا أبديًا دون تأليف حكومة. إن مصلحة الشعب تعلو على كل التفسيرات والاجتهادات الدستورية والحساسيات الطائفية. لن نسمح، مع ذوي الإرادة الحسنة، بسقوط البلاد بين أطراف لا تريد حكومة، وأطراف أخرى لا تريد دولة».
وحدة الدولة
وتابع في كلمته: «إن وحدة الدولة تبقى ركيزة الوجود الوطني، فلا دولة مستقلة ومستقرة وآمنة مع تعدد السلطات فيها، فيفتح كل طرف سياسة خارجية على حسابه، وسياسة دفاعية على حسابه، ويقرر تطبيق الدستور ساعة يشاء، ويعطله متى يحلو له. إن الصداقات مع الدول شيء، والانحياز الاستراتيجي إلى محاور عربية وإقليمية ودولية شيء آخر. لذلك، إن الحياد هو حل خلاصي للبنان، خاصة أنه لا يحول دون تعزيز العلاقات مع أي دولة وتقوية الصداقة معها لمصلحة لبنان، باستثناء تلك التي لا تكف عن استعدائنا».
وأضاف: «نحن على عتبة السنة الأولى من مأساة تفجير مرفأ بيروت، لم تُعرف بعد - بكل أسف - ملابسات هذه المجزرة المشبوهة: من تسبب بها؟ كيف حصلت؟ إننا ندعم القضاء لبلوغ الحقيقة وفق عمل نزيه ومتجرد، بعيدًا عن الضغوط السياسية».
وطالب الراعي الجماعة السياسية بتسهيل عمل القضاء، محذرًا بأن الشعب لا يغفر لمن يعرقل مسار التحقيق أو لمن يسيسه أو لمن يغطي أي شخص تثبت التهمة عليه. وأشار الراعي في كلمته إلى رفض مجلس النواب رفع الحصانة عن نواب ومسؤولين في انفجار المرفأ وقال: «يدمي القلب أن يجعل السياسيون من رفع الحصانة عن وزراء ونواب وعسكريين استدعاهم القضاء لسماعهم، قضية تفوق ثمن دماء المائتي ضحية ودموع أهاليهم النازفة ومصيباتهم، وثمن آلام الخمسة آلاف جريح، وثمن خسارة سبعة آلاف من البيوت والمؤسسات التي تهدمت، وثمن تشريد وتهجير منطقة من بيروت، وثمن هدم المرفأ ومحتوياته هدمًا كاملاً، وقطع هذا المرفق عن محيطه، وهو منذ سنة مائل أمام أعيننا كشبح الموت».
وختم الراعي كلمته: «فيا للعار! فلتكن نزاهة القضاء المشجع الأول للمثول أمامه من أجل الحقيقة. فلماذا تخافون إذا كنتم أبرياء؟ يجب التمييز بين الأذونات الإدارية لرفع الحصانة، والبحث القضائي عن الأدلة».