وهناك العقم وما يخلفه من حسرة في القلب كلما رأت المراة أمًا تحضن أولادها، وما يسببه من شعور بالقلق والخوف من فقدان زوجها، وهناك الطلاق إذا كان بإرادة منفردة من الرجل فهذا يعني أنه تخلى عنها ولم يعد قادرا على العيش معها وهذا ما يجعلها عرضة للقال والقيل في المجتمع، ويجعل المجتمع كله ينظر إليها كأنها هي المقصرة وهي المسؤولة عن فقدان أسرتها، وهناك التعدد وهو يعتبر من أقسى الأحكام على النساء نفسيا، والمجتمع الجاهل يساهم إلى حد كبير في إلحاق الأذى بالمرأة إذا تزوج الرجل امرأة ثانية عبر تحميلها المسؤولية بشكل مباشر أو غير مباشر عن فعل الرجل، وتحديات الحضانة قاسية بشكل كبير على المرأة فهي إن أخذت أولادها تعثر زواجها من شخص آخر، وإن لم تأخذهم تحسرت عليهم وإن تزوجت خسرت حضانتهم، وإن لم تخسرها فستخسرها عندما يبلغون الحلم فهذه محنة حقيقية للأمومة.
إننا نؤكد أن كل هذه الاضطرابات وحالات الخوف عند المرأة هي عادية بحكم التكوين البيولوجي والنفسي العاطفي للمرأة، وأنها تزول بنسبة كبيرة من خلال الرعاية والاهتمام والتفهم والدعم الذي يقوم به الأهل لها أثناء أزمتها النفسية، فالأدوية الطبية تنفع في بعض الحالات والرياضة البدنية تنفع إلا أن العلاج الأكبر يكون بالرعاية والاهتمام ممن يحيطون بها، ولهذا أكثر ما تحتاجه المرأة لتجاوز هذه التحديات والمخاوف العاطفية الاهتمام والدعم النفسي والرعاية واللمسة الحانية والحضن الدافئ والكلمة الطيبة.
وقد قال تعالى (وليس الذكر كالأنثى)، وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليؤكد الحقيقتين في سنته فيعلن (إنما النساء شقائق الرجال) في الأجر والثواب والدعوة والبناء ويعلن ويوصي مرارا وتكرارا بهن (استوصوا بالنساء خيرا) لأنهن يختلفن عنكم جسديا ونفسيا، ولأنهن يتعرضن لحالات نفسية صعبة كلما دخلن في مرحلة أو طرأ عليهن طارئ جسدي، وقوله (استوصوا) هو أبلغ من قوله (اوصيكم) فاستوصوا معناها دوام التواصي ودوام التذكير به ودوام العمل به، والإسلام راعى نفسية المرأة ووضع أحكاما خاصة بها في وقت الحيض والحمل والولادة والرضاعة والتقلبات النفسية، حتى أن الإسلام لم يلزمها برضاعة طفلها لأنه راعى أن تمر باكتئاب ما بعد الولادة وأنها قد ترفض الطفل، وأمر الإسلام بالإنفاق على الحامل وعلى المرضع من أجل راحتها ورعايتها لتكون مستقرة نفسيا، ففهم الرجل لهذه النفسية ودعم المرأة نفسيا ومعنويا يساعدها على استقرارها وهدوئها وسعادتها.
@drjasem