n وجدت تهامة سهولا منبسطة، لكن وجدت السهول الشرقية رواية بيئية أخرى توحي وتقول، أودية تحتضنها الجبال وترسم مسيرتها، وتشكل منها شبكة عظيمة المسارات متجهة شرقا، تلتقي في نقاط وتفترق في أخرى، بعضها يرفد بعض. شبكة أودية تدعو إلى التأمل والتفكير والتحليل والاستنتاج. أثارت حزمة أسئلة عن أهميتها المائية المفقودة، وتاريخها، وعلاقتها بالإنسان ومدى تفاعله معها عبر التاريخ.
n في الطريق رأيت بدايات بعض هذه الأودية، في مراحل أخرى من الرحلة كنت أقطع بعضها عرضا لتنقلني لأودية أخرى، هكذا طوال الرحلة، وجدت الجبال تحدد بداية هذه الأودية ومساراتها، تحدد نقاط التقائها وتشعباتها وأهميتها، الأودية طريق للسيول عبر التاريخ، جميع الأودية وظيفتها مائية في الأساس.
n كان برفقتي في الرحلة سيارتي الأجنبية، والمرشد جوجل الأجنبي، لكن وجدت الكهرباء السعودية ترافقني، أسلاكها وأعمدتها لم تغب عن ناظري، أي إنجاز تحقق في مجال الكهرباء لكل بيت سعودي، حتى وإن كان في قمة جبل أو قاع واد سحيق.
n الطريق الأسفلتي رافقني، وذكرني بوعورة كانت عليها هذه المناطق، فتحولت بالطريق إلى معالم مهمة، يمكن أن تكون سياحية. الطرق محور السياحة البيئية، تأخذ الفرد في مسارات لوحات فنية طبيعية لا تخطر على بال، الطريق بتعرجاتها الهندسية لوحة تتجدد معالمها الجمالية، نقلتني إلى مرحلة متقدمة من نشوة السعادة والفخر. وتذكرت والدي رحمه الله، مشى حافي القدم خلف بعيره من الباحة إلى الطائف، وقبل وفاته تحقق له ركوب الطائرة والسفر بالسيارة المريحة عبر الطرق الأسفلتية، لم تتوقف هذه الطرق عطاء وامتدادا.
n في غياب اللوحات الإرشادية، وعلى امتداد الطريق إلى بيشة، كنت استدل على أسماء القرى بواسطة لوحات أسماء المدارس. تساءلت كم من المبدعين تخرجوا منها، وأصبحوا علماء وعقولا منتجة تعمل في جميع القطاعات؟ نعم كان التعليم مرافقا في هذه الرحلة، كان رمزا لكل منطقة يعتلي مبناه ظهرها بشكل زاهٍ، وكأني به يقول: أنا التعليم الذي يحارب الجهل.
n بالتأكيد هناك أشياء بعيدة عن بصري، لها فضل التواجد كرفيق لا غنى عنه، إنها شبكات وأبراج الجوال، تبث موجات التواصل عبر الطريق الممتد لأكثر من 150 كيلو مترا، من قريتي في منطقة الباحة إلى بيشة في منطقة عسير.
n تضايقت و(تنرفزت) كما تقول العرب، بسبب غياب اللوحات الإرشادية الترحيبية والتعريفية بالأماكن والأودية والقرى والبلدات على طول الطريق من منطقة الباحة حتى بيشة في منطقة عسير، لم أجد أي لوحة ترحيبية على امتداد الطريق.
n لكن شكرا لشركة الكهرباء حيث كانت اللوحة الأولى والأخيرة الترحيبية من نصيبها، كانت في موقعها بالقرب من مدينة بيشة، هنا تذكرت غازي القصيبي كأول وزير للكهرباء، وقد حول خشيب أمي إلى فيش كهرباء، فأرسلت له برسالة عن هذا الأمر، كان رده عظيما كنفسه العظيمة المخلصة، في بطاقة ما زلت أحتفظ بها حتى اليوم.. ويستمر الحديث بعنوان آخر..
@DrAlghamdiMH