وفي عصر التطبيقات التي سهلت وقربت كل شيء لم نعد نستشعر تلك المشاهد الجمالية التي أكسبتنا ذكريات جميلة لا ننساها وطفولة ذات طعم ومذاق خاص حرم منه هذا الجيل الذي يعد الأوفر حظا، منهم من يرى الكيس الأسود داخل المطبخ وبداخله اللحم متسائلا هل هي ضمن «مقاضي» البيت المعتاد !
في الماضي كانت البيوت صغيرة لكنها كانت تتسع لذلك الضيف مربوطا في أفنيتها الصغيرة يداعبه الأطفال ويسمرون معه حتى يأتي الموعد المنتظر ويتحلقون حوله يساهمون ويساعدون الكبار في تذكيته وكأني أرى ذلك المشهد الممتلئ جدا واجتهادا ومتعة، فلم يكن ذلك المشهد رغم قساوته مؤثرا سلبا على نفسيات الصغار ولم «يسطو» على براءتهم فلم نسمع عن جريمة قلد فيها طفل ذبح الخروف كما نسمع اليوم من تقليد جرائم الألعاب الإلكترونية والأفلام الموجهة للطفل والتي تمتلئ رعبا وخوفا وجريمة وانتحارا. إن مشهد الأضحية كان أقسى مشهد يشاهده الأطفال في ذلك الزمان واقتصر تقليد هذا المشهد على أي جماد في البيت «يسدحونه» ويجرون عليه يدهم ! وهم يذكرون الله !
وأنا استمع لأحد علماء النفس وهو يحلل شخصية الطفل ويدعو لعدم تعريضه لتلك المشاهد جال في خاطري مشاهدنا وتساءلت هل انعدمت مشاعرنا حين تجلدت واستمتعت بذلك المنظر دون سابق تهيئة !! أم أن مشاعر طفل اليوم وصحته النفسية خارت فأصبح لا يقوى عليها بينما قويت لمشاهد الرعب الإلكترونية بل كان أحد أبطالها فغالب ألعاب «البلاي ستيشن» تعتمد على القتل للوصول لأعلى المستويات فيها، أم أن علماء النفس بالغوا في دراساتهم حتى رسخت صورة ذهنية مغايرة لحقيقة الطفل الذي لو أوصلت له رسالة الأضحية وتكرر عليه مشهدها لانتظرها كل عام بفارغ الصبر ولكانت أحد طقوس العيد المنتظرة وكان مشهدها هو أبسط مشاهد العنف التي تمر عليه في عالمه الحقيقي مقارنة بما يراه ويشارك فيه في عالمه الافتراضي، أم أن مشائخنا بالغوا في فتاواهم حتى صرفوا الناس عن تطبيق هذه السنة ! أم أن متداولي رسائل منصات التواصل لم ينشروا سوى مقاطع الأطفال الخائفين دون مشاهد المرح والاستمتاع!!
وحتى لا أخترق عالم المتخصصين فقط أقول إن الطفل الذي يعاني «خلقة» من اعتلال نفسي جنبوه كل شيء لأنه سيفسد عليكم كل شيء وسينشأ على الخوف والتوجس من كل شيء وربما تكونون أنتم الآباء زرعتم هذا السلوك ورميتم بلاءكم على الخروف المسكين !! ولا تمنعوا متعة خروف العيد عن الأطفال الأسوياء فضلا عن متعة الكبار وتعلموا الذبح والسلخ والتقطيع من أجلهم ومن أجل إحياء الشعائر الجميلة !
@ghannia