وأضاف يقول: على الرغم من أن لبنان بلد صغير، إلا أن هناك قضايا مهمة للولايات المتحدة. المصلحة الوطنية والإستراتيجية الجغرافية على المحك، ومع ذلك، فإن السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط مكرسة حاليًا للهوس الوحيد بالمفاوضات الإيرانية، مما يترك القليل من الأكسجين لمسائل أخرى.
وأقر بأن ذلك يمثل خطأ، داعيًا إدارة بايدن إلى تطوير تفاعل أكثر دقة مع المنطقة والقيام باستجابة قوية للتعامل مع انهيار لبنان الوشيك.
ومضى يقول: فقدت العملة اللبنانية ما يقرب من 90 % من قيمتها، مما دفع معظم البلاد إلى ما دون خط الفقر، مع اعتماد العديد من العائلات على تحويلات الأقارب في الخارج.
وأردف: مع ذلك، حتى شرايين الحياة هذه لا يمكنها تعويض النقص في السلع، حيث إن البنزين والأدوية والمواد الغذائية كلها شحيحة، إضافة إلى ذلك، هناك بنية تحتية متداعية يمكنها توفير الكهرباء لبضع ساعات فقط كل يوم.
وتابع: في غضون ذلك، يعيق الجمود السياسي تشكيل حكومة فعّالة يمكنها إجراء إصلاحات قد تخفف من بعض المشاكل، بدلاً من ذلك، فإن الطبقة السياسية، التي يُنظر إليها إلى حد كبير على أنها فاسدة بشكل لا يمكن إصلاحه، لا تبذل أي جهد لتلبية احتياجات الجمهور.
الأضواء الساطعة
وأشار إلى أن أحد الأضواء الساطعة هو ظهور قوى معارضة نابضة بالحياة، لكنها تظل مجزأة، كما أن الانتخابات لن تجرى حتى العام المقبل.
وأضاف: لذلك، قد يكون تغيير القيادة بعيدًا جدًا في المستقبل بما لا يمكن معه إنقاذ المؤسسات المتداعية التي كانت تتمتع بسمعة دولية قوية، خاصة الجامعات والمستشفيات اللبنانية.
وتابع: الآن الموظفون الموهوبون الذين تعتمد عليهم تلك المؤسسات يحاولون المغادرة للحصول على وظائف ذات رواتب أفضل في الخارج.
وأردف: بعد عقود مضطربة من الحرب الأهلية والاحتلال، وبعد الدمار الذي خلفه وباء كورونا والدمار الهائل للانفجار الذي وقع في ميناء بيروت العام الماضي، فإن هذا البلد الهش بالفعل يواجه فوضى أكبر.
ومضى يقول: بالنظر إلى حجم المعاناة، هناك كل الأسباب لتقديم المساعدة الإنسانية للبنان.
وأشار إلى أنه بينما توفر الولايات المتحدة دعما تدريبيا مهمًا للقوات المسلحة اللبنانية، على الرغم من تقلص نطاق تلك المهمة، إلا أنه خلاف ذلك، فإن المشاركة الأمريكية محدودة للغاية.
وتابع: على واشنطن أن تفعل المزيد وأن تضع لبنان على رأس قائمة أولويات السياسة الخارجية لأربعة أسباب.
وأوضح أن أول تلك الأسباب هو أن لبنان يقدم حالة واضحة للعواقب الوخيمة للابتعاد عن المنطقة، بالنظر إلى حقيقة التنافس بين القوى العظمى.
وأضاف: إذا كانت الولايات المتحدة لا توفر القيادة، فهي تفتح الباب أمام قوى أخرى، ولا سيما روسيا التي تقع منشآتها البحرية التابعة لها في طرطوس بسوريا، على بعد أقل من 40 ميلاً بالسيارة من ميناء طرابلس اللبناني، الذي قد يكون مواتيًا لأن تلتقطه موسكو، وبالتالي يمكن أن يصبح لبنان نقطة انطلاق أخرى لتقدم روسيا في الشرق الأوسط، ما لم تعد الولايات المتحدة تأكيد دورها هناك.
التناقض والتدهور
وبحسب الكاتب، فإن السبب الثاني، أن التناقض بين تدهور الأحوال المعيشية في لبنان وعدم تحرك الطبقة السياسية يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية، والتي تمثل أرضًا خصبة لنوع الإرهاب الذي ابتليت به المنطقة بأسرها.
وأضاف: لا ينبغي لأحد أن يستبعد احتمال عودة ظهور داعش من جديد.
وأردف يقول: كلما زاد انتشار هذا العنف، زادت فرصة انتشار الإرهاب المحتضن في المنطقة إلى أبعد من ذلك، بما في ذلك إلى الولايات المتحدة.
ولفت إلى أن السبب الثالث هو أنه ما لم تتم معالجة الأزمات اللبنانية، فمن المرجح أن يؤدي الاضطراب الاجتماعي الناتج إلى موجة جديدة من اللاجئين، هاربين من ويلات الاقتصاد المنهار، أو في أسوأ السيناريوهات سيؤدي إلى عودة الصراع الطائفي.
ومضى يقول: إن نظام الأسد ليس فوق شبهة إثارة العنف في لبنان من أجل تحقيق نوع من إعادة الهندسة الديموغرافية التي قام بها في الداخل، حيث أجبر السكان المستهدفين على الفرار، وهو شكل ساخر من التطهير العرقي.
وأردف: يجب على الولايات المتحدة أن تشعر بالقلق إزاء الآثار المزعزعة لاستقرار تدفقات اللاجئين المتجددة إلى الحلفاء مثل الأردن وتركيا، اللتين تستضيفان بالفعل أعدادًا كبيرة من اللاجئين، أو في الاتحاد الأوروبي، حيث تواصل موجة اللاجئين التي وقعت في 2015 إحداث تداعيات سياسية مدمرة.
وأشار الكاتب إلى أن السبب الرابع يتمثل في أن انهيار الدولة اللبنانية لن يفيد إلا إيران وقوتها السياسية الأكثر عداءً لأمريكا.
وحذر من أن «حزب الله»، وكيل إيران في لبنان، قد يرى فرصة للاستيلاء على السلطة بشكل مباشر أو، بشكل أكثر إستراتيجية.
إستراتيجية «معالجة»
وأضاف: في كلتا الحالتين، ستفوز طهران، ما لم تنخرط واشنطن في طرق إستراتيجية لمعالجة معضلات لبنان.
ونوه الكاتب إلى أن الحجج التي تدعم مصلحة الولايات المتحدة الوطنية في الانخراط بقوة أكبر في لبنان تتعارض مع ميول السياسة الخارجية الحالية في واشنطن.
وأردف: إن التوجه السائد يقلل من أولويات الشرق الأوسط بشكل عام من أجل تحويل الانتباه إلى المحيطين الهندي والهادئ، لكن وجهة النظر هذه لا تحتاج إلى هجرة شاملة للشرق الأوسط بشكل يسلم المنطقة لأعداء أمريكا من القوى العظمى.
وتابع يقول: إضافة إلى ذلك، تنظر إدارة بايدن إلى المنطقة في المقام الأول من منظور إيران وخطة العمل الشاملة المشتركة المتجددة، يتفهم الكثير من اللبنانيين هذا الأمر ويخشون بشكل صحيح من أن يستفيد حزب الله من مكاسب مفاجئة عندما تقوم الولايات المتحدة برفع العقوبات عن إيران.
واضاف: لا يوجد ما يشير إلى أن فريق التفاوض الأمريكي يطالب بجدية بإنهاء حملات زعزعة الاستقرار الإقليمي التي تقوم بها إيران، بما في ذلك دعمها لحزب الله.
واستطرد: مع ذلك، فإن التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران بدون مثل هذا القيد يعني في الأساس استرضاء إيران من خلال المقايضة بسيادة لبنان.
ومضى يقول: تتطلب المصلحة الوطنية الأمريكية، بما في ذلك القيم الأمريكية، مسارًا مختلفًا. بدلاً من إساءة استخدام لبنان كحل بديل لطهران، فإن الولايات المتحدة يجب أن تتخذ موقفاً في لبنان.
واختتم بقوله: لبنان بلد صغير، لكن الأزمة الحالية لها آثار «جيوإستراتيجية» ضخمة على الولايات المتحدة.