وأشار الكاتب إلى أن الصين لديها مصالح إستراتيجية وأمنية واقتصادية قد تجعلها حريصة على المساهمة في الحفاظ على استقرار أفغانستان.
ولفت إلى أن من بين تلك المصالح عقد إيجار مدته 30 عامًا لمنجم نحاس «أيناك»، الذي حصلت عليه منذ 2007 لكنها لم تستطع استغلاله بسبب الوضع الأمني المتقلب.
وتابع: تضع الصين عينيها على الموارد المعدنية الضخمة لأفغانستان، التي من بينها عناصر أرضية نادرة، وتُقدر قيمتها بأكثر من تريليون دولار أمريكي.
وأضاف: خلال السنوات الـ 20 الماضية، استفادت بكين من التدخل الأمريكي وتدخل الناتو في المنطقة، الذي وفر البيئة الأمنية التي مكنتها من متابعة مبادرة الحزام والطريق عبر باكستان وآسيا الوسطى.
أهمية أفغانستان
وبحسب الكاتب، فإن بكين ترى في أفغانستان دولة مهمة لأمن منطقة شينغيانغ، لأنها كانت تستخدم منذ فترة طويلة كملاذ للأويغور الهاربين من الاضطهاد في الصين، بل وكقاعدة لمسلحي الأويغور.
وأوضح أن الصين على ما يبدو ستركز على جذب أي طرف يتولى السلطة في كابول إلى مدارها من خلال الدعم المالي والاستثمار الموجه.
ومضى يقول: ربما ترغب بكين في تجنب التورط في أي أعمال شاقة على الأمن الأفغاني، لكنها ستعمل للحد من أي اضطراب أو تهديدات قد تنتج عن الرحيل الأمريكي التي من شأنها أن تؤثر في المصالح الأمنية الصينية أو الاستثمارات الإقليمية لمبادرة الحزام والطريق.
ونوه بأن الصين سوف تمضي قدما في أهدافها في أفغانستان عبر التعاون ضمن إطار يشمل باكستان وروسيا وإيران، دون حاجة إلى جنود على الأرض في أفغانستان.
وأضاف: لكن مع ذلك، فإن آخرين يرون حتمية لعب الصين لدور مباشر ومؤثر في أمن أفغانستان في المستقبل.
ونبه إلى أن السنوات الأخيرة أظهرت استعداد بكين للعب على طرفي الخلاف في ذلك البلد، مضيفا: في 2018، تمكنت من الحصول على موافقة حكومة الرئيس أشرف غني على بناء قاعدة عسكرية صينية في شمال أفغانستان.
وأردف: في 2020، دخلت الصين في مفاوضات مع طالبان، ووعدتهم باستثمارات ضخمة في مشروعات الطاقة والبنية التحتية في مقابل السلام.
ومضى يقول: لكن في أواخر 2020، اهتزت علاقة بكين وكابول بسبب الكشف عن عملية استخباراتية صينية تعمل مع شبكة حقاني الإرهابية المقربة من طالبان، لمطاردة الأويغور في أفغانستان.
الانسحاب التدريجي
ونوه الكاتب بأن هذا الكشف يشير إلى أن الصين فهمت ما لم تعترف به واشنطن، وهو أن الانسحاب التدريجي السريع للولايات المتحدة سيؤدي حتمًا إلى صعود طالبان في أفغانستان.
وأضاف: في الفترة بين 1 مايو و13 يونيو 2021، زادت الحركة من حصتها من الأراضي الخاضعة لسيطرتها من 73 مقاطعة إلى 223، وفي المقابل انخفض عدد المقاطعات الخاضعة لسيطرة الحكومة من 115 إلى 73، وتتنافس طالبان حاليًا للسيطرة على 111 مقاطعة أخرى.
وأشار إلى أنه برغم أن الصين عرضت تسهيل عملية سلام جديدة تشمل الحكومة الأفغانية وطالبان، فإنه ربما تفضل بكين طالبان وتستخدم إغراء الاعتراف الدولي والمساعدات الاقتصادية لترسيخ علاقتها مع حكومة طالبان المستقبلية.
وتابع: في حين أن طالبان تبدو حاليا مستجيبة لمبادرات بكين، لا يوجد ضمان على أنها ستظل هكذا بمجرد أن تخرج الولايات المتحدة تمامًا من الصورة، حتى إذا أوفت بكين بوعود الاستثمار.
وأردف يقول: مع مرور الوقت، من المرجح أن ينظر لبكين كقوة إمبريالية متطفلة أخرى تستغل معاناة أفغانستان لمصلحتها الخاصة، وفي حين أن طالبان غضت الطرف عن اضطهاد الصين للأقليات المسلمة التركية، من المنطقي أن الاستياء الشعبي حول هذه القضية ربما يصبح أكثر وضوحًا مع مرور الوقت.
ومضى يقول: إضافة إلى ذلك، فإن طالبان ليست الحركة المسلحة الوحيدة النشطة في المنطقة، هناك حركات مثل «طالبان باكستان»، وتنظيم «داعش»، أكدت عزمها، بالأفعال والأقوال، على مهاجمة المصالح الصينية في المنطقة.
اعتقاد بكين
وتابع: على الرغم من اعتقاد بكين بأنها تستطيع التعامل مع أفغانستان وفق شروطها وعن بعد، فإن المرجح أن تجد الصين نفسها متورطة بشدة في الشؤون الأفغانية ما بعد الانسحاب الأمريكي، وكما كشفت تجربة القوى الإمبريالية الأخرى التي تجرأت على الدخول في أفغانستان، فإن هذا نادرًا ما ينتهي نهاية جيدة.
أما على المستوى الدولي، قالت مجلة «ناشيونال إنترست»: إن انسحاب واشنطن من أفغانستان قد يمثل نهاية للتدخلات الغربية في بناء الأوطان.
وبحسب مقال لـ «تشارلز دونست»، فإن السؤال نفسه يمكن طرحه أيضا فيما يخص خطط فرنسا لإنهاء حربها في منطقة الساحل في غرب أفريقيا.
وأضاف يقول: أنفقت فرنسا، تمامًا مثل الولايات المتحدة في أفغانستان، المليارات على هذه الحرب الفاشلة، والتي بالرغم من أن فرنسا لم تفز بها، إلا أنها كبحت جماح المسلحين.
ونقل عن أحد الماليين العاملين في القاعدة الفرنسية في الساحل قوله: لو غادر الجيش الفرنسي مالي، فسيدخل المسلحون خلال أسبوعين ويدمرون البلاد.
وأردف الكاتب بقوله: يبدو هذا مشابهًا إلى حد مخيف لما سيحدث في أفغانستان، حيث من المحتمل أن تسيطر طالبان بالقوة على البلاد من حكومة كابول.
ومضى بقوله: رغم ذلك، قرر البلدان الانسحاب. وبقيامهما بهذا الانسحاب، سيُنهي هذان البلدان نوعًا معينًا من التدخل المسلح متعدد الأطراف لبناء الأوطان، والتي ظن القادة الغربيون أنها يمكن أن تحل مشكلات مثل الإرهاب وعدم الاستقرار حول العالم.
وتابع بقوله: إن الانسحابات الأمريكية والفرنسية، تشير إلى أن هذا العهد انتهى، وأن الغرب لن يحاول مجددا هذا الأسلوب لحل أزمات كبيرة في دول مضطربة، وبدلا من ذلك ستوكل تلك المهمة لقوى إقليمية ليست لسوء الحظ مؤهلة لتنفيذها.