وتخطيط التغيير يستلزم الأخذ بالاعتبار قوة المقاومة، التي قد تتخذ صورا شتى منها الرفض والامتناع أو عدم الامتثال سواء كان بالتسويف، أو بالقيام بإجراءات مناقضة لعملية التغيير.
وتحمل مقاومة التغيير أسباب عدة منها:
• الارتياح للمألوف والتعود والخوف من المجهول
تتسم الشخصيات غير المرنة بصعوبة تقبل تغيير ما تعودته وآلفته، كما أن هناك تفاوتا في قابلية الأفراد في تعلم مهارات جديدة، وبالتالي تخوفهم من الفشل والاستبعاد في ظل التغيير.
• عدم وضوح ميزات التغيير
يتطلب من المنظمات توضيح أثر التغيير بما ينعكس على مصلحة مَنْ يمسهم التغيير، واستخدام قنوات التواصل الفعال لتبديد المخاوف، مع مساعدة المتعثرين ليواكبوا التغيير المطلوب.
• المصالح المكتسبة بالوضع الراهن
لكل وضع هناك مستفيدون، وبالتالي متى ما تعارضت مصالحهم مع التغيير، فسيكوّنون قوة معارضة له بأي وسيلة كانت.
• الولاء
قد تكون مقاومة التغيير من باب التبعية والتعصب والحمية في المجموعات المتحزبة عندما يكون التغيير مهددا لفرد أو الجماعة.
علم الإدارة علم إنساني تناول مقاومة التغيير، وذكر أن من حلولها استخدام آليات التغيير عبر التواصل الفعال والتوعية والتدريب والتحفيز والحزم، وأن من الطرق السريعة في التغيير إشراك الكفاءات في التطوير، واستقطاب عناصر جديدة أو بناء فرق جديدة للتغيير السريع.
تناول د. روبرت شيفر التغير السريع في كتابه «النتائج السريعة» Rapid Results المتخصص في تعليم كيفية التوصل إلى النتائج الكبرى عبر موارد محدودة، حيث طلبت منه شركة نفط إجراء دراسة حول كفاءة عمل أحد المصافي التابعة للشركة. وبعد انتهاء الدراسة توصل الباحث إلى أن عمل مصفاة النفط توسع بدرجة لم يعد يكفي لإدارتها الموظفون الموجودون، واقترح تعيين موظفين جدد في أقرب وقت، وبينما كان يستعد لتسليم الدراسة إلى الشركة، حصل إضراب عن العمل في مقر المصفاة، وتوقف العمل، ثم تطورت الأمور إلى استقالة نحو ثلثي الموظفين بشكل جماعي، ولم يبق إلا 30 % منهم. مع هذا استطاع هذا الثلث بتكيفهم مع الأزمة تغيير آلية العمل وتسيير عمل المصفاة بكفاءة شبه كاملة، فغير بحثه إلى أن الأزمات تكشف طاقات الناس الخفية والحلول غير التقليدية، وهذا لن يكون من العدم بدون وجود خبرات متراكمة وحافز منه الولاء لهذه المنظمة والتمرس في العمل بها.
وهنا يأتي دور المنظمات في الاستفادة من الكفاءات بداخلها كبداية، ومع الاستمرار في تجديد الدماء بعقليات جديدة مراعين فيها التنافسية والمفاضلة بما يخدم المنظمة لتجنب الوقوع في شبهة الفساد بتغليب المحسوبيات على حساب المصلحة العامة، أو تبديد مال عام برواتب وميزات مالية لموظفين جدد، وتكديس الموظفين القدامى وعدم الاستفادة منهم، وبالتالي خسارتهم وما استثمرت الدولة فيهم من تأهيل وتطوير ومن خبرة في نفس المنظمة، وسيظهر ذلك في الأزمات حين تشح الموارد كما في مثال مصفاة النفط، فمَنْ سيظل فيها؟.
DrLalibrahim@