الميزة التنافسية للصين ترتكز على تكلفة الأيدي العاملة الصينية الماهرة، التي تعد مصدر قوة تنافسية لها ما يجعل الولايات المتحدة تناقش معايير التكلفة لتكون متساوية حول العالم حتى لا تكون ميزة تنافسية لدولة دون أخرى، لكن الكثير من الدول النامية والأقل نمواً لا تدعم هذا التوجه؛ لأنه يضر اقتصاداتها بشكل أو بآخر. والكثير من الشركات الأمريكية، التي تعتمد على الأيدي العاملة الماهرة المتدنية التكلفة تركت الولايات المتحدة ونقلت مصانعها إلى الصين لتوافر الأيدي العاملة المدربة الرخيصة الأجور. وهناك ضغوط من دول غربية داخل منظمة التجارة العالمية لتعميم معايير التكلفة للأيدي العاملة لإعادة الصناعات الثقيلة إلى الدول الصناعية بعد هجرتها إلى الدول النامية والأقل نمواً والفقيرة ما يدفع الصين إلى عمل التحالفات الاقتصادية لبقاء الصناعات الغربية فيها.
الصين بحاجة لتحالفات اقتصادية مع الكثير من دول العالم، التي تمتلك الموارد الأساسية للتنمية الصناعية لتستمر في نموها الاقتصادي المذهل، فهي بحاجة للموارد الأساسية مثل النفط والغاز والمعادن بكميات كبيرة، خاصة التي لا تتوافر في الصين. والمراقب للشأن الصيني يلاحظ الخروج التدريجي من النزعة الثورية الشيوعية إلى الانفتاح الرأسمالي التدريجي لأنها تدرك ضرورة التغيير من النظام السياسي الشيوعي إلى نظام سياسي يسمح للصين بالتكيف مع البيئة الدولية والمناخ السياسي، الذي يشجع على قيادتها للعالم اقتصادياً.
ونلاحظ توجه الصين بقوة إلى الاستثمار في أفريقيا لتوافر الفرص فيها وعدم وجود النزعة العدائية ضدها كما يحدث في الولايات المتحدة واليابان وكوريا والهند وبعض الدول الآسيوية المجاورة لها، ناهيك عن الفكر الإستراتيجي الصحيح بالتوغل في الأسواق الناشئة، التي تمنحها الفرصة لتحقيق نمو سريع وأرباح عالية.
الفرص التجارية في الصين كثيرة وواعدة للتجار العرب، الذين يرغبون في اللحاق بفترة النمو السريع والعالي للاقتصاد الصيني. وسيكون للصين ِشأن أكبر عندما تتوافر العوامل الاقتصادية الأخرى، التي تساعدها على قيادة العالم في النواحي الاقتصادية فقد تصبح يوماً أكثر تأثيراً من أمريكا، التي تحولت من بلد الأحلام والطموحات إلى بلد الهيمنة العسكرية والصراعات الدولية لتضعف بذلك قوتها الاقتصادية في المدى البعيد.
لا يقتصر خوف الولايات المتحدة من الصين على الناحية الاقتصادية فحسب، بل خوفها من تدمير الصين للقيم الديموقراطية في العالم بعد تحكمها فيه اقتصادياً، لذلك تتهم بمخالفات كثيرة لحقوق الإنسان، خاصة بين الأقليات العرقية.
@dr_abdulwahhab