احتضان أكبر حقل نفطي بالعالم
قال عضو الجمعية السعودية للاقتصاد د. عبدالله المغلوث: انسجاماً مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ التي وضعها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين -حفظه الله-، وفي ظل اهتمام القيادة الرشيدة بمحافظة الأحساء لما تشكله من أهميةٍ اقتصاديةٍ عظمى يتطلع الأهالي لتحويلها إلى منطقةٍ، حيث تحتضن كثافةً سكانيةً عالية ومساحتها الجغرافية شاسعة وتتبوأ موقعاً إستراتيجياً يربطها بدول الخليج وغنية بفرصٍ استثماريةٍ كبرى وأرض خصبة للاستثمارات الخليجية والدولية وتوفير فرص عملٍ للشباب، وأُسست بها شركة لتطوير شاطئ العقير برأس مال يبلغ ٢ مليار و٧١٠ ملايين ريال، وتخصيص مليار ريال لتوصيل الطاقة الكهربائية إليه، و٤٠٠ مليون لتوفير المياه والصرف الصحي مما سيجعله من الوجهات السياحية الكبرى في بلادنا، وقُدِّرت استثماراته بمبلغ ٣٤ ملياراً، فيما قُدِّرت استثمارات شركة تطويره بمبلغ ١٧ ملياراً.
حقل الغوار
وأضاف إن أهمية الأحساء الاقتصادية تتعاظم باحتضان أكبر حقلٍ نفطيٍ على الأرض وهو حقل الغوار، الذي تُقدَّر مساحته بضعف مساحة لبنان، وينتج ٦ ملايين برميل من الزيت الخام يومياً، فضلاً عن الحقول الأخرى التي يبلغ إنتاجها ملايين البراميل من الزيت الخام يومياً، إذ يتركَّز معظم النفط السعودي في هذه المحافظة الوفيرة في خيراتها والعجيبة في خصائصها ومقوماتها ومكوناتها ومقدراتها ومكتسباتها، بل وفي طبيعة أرضها وتضاريسها وتربتها ومكوِّنها الحضاري بوجهٍ عام.
الغاز الصخري
وأشار إلى حقل الجافورة للغاز الطبيعي المكتشف عام ٢٠١٤م، واكتشاف الغاز الصخري فيه بكميةٍ قُدِّرت بنحو ٢٠٠ تريليون قدم مكعبة، وذلك بطول ١٧٠ كلم، وعرض ١٠٠ كلم، مضيفا إنه مع إنتاج هذا الحقل سنزيح روسيا من أكبر مصدري الغاز الطبيعي بعائدٍ سنويٍ يبلغ ٨ مليارات دولار، وبحجم استثمارٍ يُقدَّر بمبلغ ١١٠ مليارات دولار ويمثل أضخم حقلٍ للغاز في العالم إلى جانب الحقول الأخرى المنتشرة في أصقاع الأحساء، التي يعمل فيها وفي حقول النفط أبناء المحافظة بكل كفاءةٍ واقتدار. ولفت إلى وجود مطالب وتوصيات واقتراحات بناءة ومستحقة، في مجال استكمال مشروعات البنى التحتية الكبرى والصغرى منها، في كافة مدن وبلدات وقرى وهجر الأحساء، إضافة إلى المطالبة بأنسنة تلك المشروعات بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية 2030» وبرامج جودة الحياة المرتبطة بها.
موسوعة جينيس
وبيَّن أن الأحساء بحاجة إلى مشروعات تنموية حالية أو مستقبلية، تسهم في تحسين مستوى المعيشة لدى الأهالي وتنقلهم من مستوى خدمات البنى التحتية البسيطة والمتوسطة إلى مستوى الرفاه والرقمنة والمدن الذكية والإبداعية، بما يفي بمتطلبات وشروط الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فيما يتطلع الأهالي ورجال أعمال إلى أن يكون مطار الأحساء أكثر فاعلية ونشاطا بالرحلات الداخلية والدولية. وذكر أنه خلال فترة كورونا برزت الأحساء كإحدى الوجهات السياحية الجاذبة للمصطافين والسياح، تبعا لما تمتلكه من مناطق ومجموعات تراثية عالمية بمقاييس اليونسكو إلى جانب امتلاكها مزارع النخيل والقنوات والعيون والآبار، واختيارها في 2019 عاصمة للسياحة العربية، ودخولها في عام 2020 موسوعة جينيس للأرقام القياسية، بوصفها أكبر واحة قائمة في العالم، وكونها أيضا عضوا في شبكة اليونسكو للمدن الإبداعية في مجال الحرف اليدوية والفنون الشعبية، هذا إلى جانب ما تمتلكه من ميزة جغرافية نسبية، حيث تعد أقرب مناطق السعودية لدول الخليج العربي لكل من قطر والإمارات وعمان.
كرم الضيافة
وأشار إلى تميز المجتمع الأحسائي، وأفراده، بكرم الضيافة والطيبة ولين الجانب في التعامل، سواء فيما بين بعضهم البعض بمختلف مكوناتهم أو مع الزائر أو السائح، وهذه قيمة مضافة، مطالبا باستثمار تلك المقومات والميزات السياحية الثرية بشكل أمثل للمساهمة في تنمية المحافظة اقتصاديا واجتماعيا وحتى عمرانيا.
وأكد أن الجهات الرسمية والخاصة والأهلية بذلت جهودا متفرقة للاستفادة من تلك المقومات، ولكن آن الأوان لتعظيم الفوائد الاقتصادية من تلك المقومات السياحية من خلال إدارتها والإشراف عليها، باتباع إستراتيجية استثمارية شاملة تحدد فيها الرؤية والأهداف والبرامج ومؤشرات قياس الأداء والجهات ذات العلاقة، خاصة بعد صدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام التخصيص الذي شمل من بين قطاعات حكومية أخرى قطاع الشؤون البلدية والقروية، إذ هدف القرار إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص وإلى تحرير الأصول الحكومية أمام القطاع الخاص، التي أعتقد من بينها قطاع تنمية السياحة والاستثمار فيه بالطبع بالشراكة مع وزارة السياحة وغيرها.
وقال إن جذب الاستثمارات للمشروعات السياحية يستلزم تقديمها بقالب عصري وجذاب للمستثمرين المحلي، والأجنبي، وللتحضير مبكرا للتعريف بتلك المشروعات الجديدة حتى تحصل على احتياجاتها المالية سواء من قبل الدولة أو القطاع الخاص أو بالشراكة معا.
وجهة مفضلة محليا وخليجيا
أوضح عضو المجلس البلدي بالأحساء سابقا علي السلطان، أن المحافظة إحدى أهم الوجهات السياحية في المملكة وهي بوابة دول الخليج على المملكة، كما أنها الشاطئ الأزرق والأخضر للعاصمة الرياض وما حولها لوجود شاطئ العقير وواحة النخيل وقد راهن على مقوماتها السياحية عراب السياحة الأمير سلطان بن سلمان حين ذكر عام 2009 «أراهن على منطقتين في بلدنا هما الأحساء والطائف»، وهذا دليل واضح على أن صناعة السياحة في الأحساء واعدة وناجحة وقد لمسنا ذلك في الفترة الماضية وكيف أصبحت الوجهة المفضلة لدى آلاف السياح من داخل الوطن وخارجه.
وذكر أن المحافظة لا تزال بحاجة ملحة للاستثمار في هذا المجال، في ظل وجود فرص كبيرة لكنها غير مستغلة بشكل جيد إلى الآن مثل متنزه الأحساء الوطني شمال مدينة العمران، وكذلك بحيرة الأصفر شرق مدينة العمران وبحيرة العيون، ومشروع جبل الشعبة، كذلك لم يستثمر إلى الآن سطح جبل القارة بإطلالته البانورامية على أكبر واحة نخيل في العالم، وكذلك جبل رأس القارة «المشقر» بمغارته الجميلة وشأنها التاريخي وجبل أبو حصيص «الصفا» بالتويثير، كما لم يتم استثمار الطرق الزراعية الرئيسية داخل الواحة لعمل مشاريع سياحية دون التخلي عن المحافظة على الواحة، واستثمار عين الخدود وطريقها السياحي الجميل بالإضافة إلى جبل الأربع بمدينة الطرف وجبل بريقا امتداد مدينتي الشعبة والجرن وجبل الثليم بمدينة العيون، ورغم هذه المقومات وعدم الاستفادة المطلوبة منها إلا أن الأحساء بهذا الوهج والإقبال، ولذا سيكون تدفق السياح أضعاف ما هو عليه الآن لو تم استثمارها، إضافة للتطلع إلى افتتاح الكلية السياحية بفندقها.
وأكد أنه على أمانة الأحساء ومكتب البيئة والمياه والزراعة والمؤسسة العامة للري وغيرها من القطاعات مسؤولية كبيرة لتذليل الصعاب وتطوير المواقع والاهتمام بها وطرح الفرص الاستثمارية المتعلقة بالمجال السياحي. وعلى وزارة السياحة اليوم الدور الأهم في عقد مؤتمر يدعو القطاعات الرسمية ورجال الأعمال لمناقشة الفرص الاستثمارية في الأحساء بشكل أوضح. كما أن غرفة الأحساء ليست بمعزل من كل هذا، فجلب وإقامة المشاريع الاستثمارية من مسؤوليتها، وعليها التحرك في هذا الجانب بشكل مختلف، وأملنا في إدارتها الجديدة.
تنمية رأس المال البشري
أشار عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالأحساء سابقا، يوسف الطريفي، إلى أن آفاق النمو بالأحساء في إطار رؤية المملكة 2030 واعدة ومبشرة بالخير، وأن الإنجازات التي حققتها المحافظة كإدراجها من قبل منظمة اليونسكو على قائمة التُراث العالمي واختيارها عاصمة السياحة العربية 2019، أحدثت حراكا إيجابيا يعزز الجاذبية للاستثمار في شتى المجالات.
استقطاب التقنية
ولفت إلى أن واحة الأحساء تتلاقى فيها عناصر تجعل المخاطرة في أدنى درجاتها وأقل مستوياتها، لذلك فهي تعيش كل يوم توسعا في الأنشطة الاقتصادية وتطويرا في مشروعات البنية التحتية والسعي لتحسين مناخ الاستثمار، بما يمكن الأحساء من احتضان الفرص الاستثمارية الكبيرة من حيث خلق فرص العمل، وتنمية الصادرات والإحلال محل الواردات، واستقطاب التقنية والخبرة ورأس المال، وتنمية ورعاية رأس المال البشري الأساس وهو المواطن، الذي تذخر به الأحساء منذ القدم.
مزايا تنافسية
وقال إنه مع تتابع الجهود لتنويع الاقتصاد الوطني، خصوصاً من خلال مرتكزات غير نفطية، مثل استقطاب الاستثمار، والتنويع الاقتصادي بزيادة مساهمة قطاعات مثل الصناعة، والسياحة، وتحفيز الابتكار والإبداع والريادة، وتشجيع ودعم المنشآت الصغيرة يتأكد أن موقع الأحساء وجهة استثمارية مميزة، ذات موارد عديدة ومزايا تنافسية، بالإضافة إلى قدرتها على استقطاب الاستثمارات الخليجية، بحكم موقعها الإستراتيجي المميز بين دول المجلس، وهو ما يعتبر دافعاً قوياً للاستثمار ويضمن توظيف ما تزخر به من إمكانات، ويسهم في تحقيق تطلعاتنا جميعاً لاقتصاد وطني متنوع المصادر وقابل للنمو، بالإضافة إلى إنشاء مدينة الملك سلمان للطاقة «سبارك»، الواقعة بين الأحساء والدمام، وهي مشروع عملاق، وستكون تلك المدينة الرائدة بيئة نموذجية لجذب الاستثمارات العالمية.
صناعات تحويلية
وذكر أن منتدى الأحساء يعد منصة لتعزيز واجهة الأحساء استثماريًا من خلال عرض فرص الاستثمار في القطاعين العام والخاص، وتسليط الضوء على المزايا النسبية وأهم المقومات التي تتمتع بها، الذي يقدم من خلاله أوراق عمل متنوعة وحلقات نقاش تتناول عدة محاور منها: الاستثمار في قطاع الطاقة، والصناعات والصناعات التحويلية، والاستثمار في القطاع الصحي، والإسكان وبرامج المشاريع العقارية، والاستثمار في قطاع التعليم والتدريب، وأخيرًا بيئة الاستثمار في الأحساء. كما أن زيادة الحركة السياحية المتدفقة والمتنامية بشكل لافت يوماً بعد آخر في محافظة الأحساء خلال الفترة الأخيرة، جذب رجال الأعمال من داخل المحافظة وخارجها للتوجه للاستثمار في قطاع الإيواء «فنادق، شقق فندقية، وحدات سكنية مفروشة، نزل سياحية ريفية، موتيلات»، حتى باتت المحافظة واحدة من المواقع الجاذبة لهذا النوع من الاستثمار لما فيه من جدوى اقتصادية عالية.
البنية التحتية
ولفت إلى أن الأهداف الاستثمارية، التي وضعتها غرفة الأحساء والتي تصب في جهود ومبادرات تنويع اقتصادنا الوطني، وتنمية الاقتصاد المحلي، والسعي لتحسين مناخ الاستثمار في منطقة الأحساء، وجعلها وجهة استثمارية مميزة، قادرة على خلق فرص استثمار وعمل ملائمة ذات جدوى كبيرة وقيمة إضافية للمستثمر والعامل على حد سواء.
وبيَّن أن الاقتصاد المحلي لواحة النخيل والنفط مرشح للتضاعف في غضون السنوات القادمة، حيث أحدثت المبادرات التنموية بالأحساء حراكاً اقتصادياً كبيرا؛ ظهر في استكمال وتحديث وتوسعة البنية التحتية وفي جهود متواصلة لجذب الاستثمارات الكبيرة وتنويع الاقتصاد المحلي ليرتكز على الصناعات غير التحويلية والسياحة، بالإضافة إلى تعزيز الأنشطة القائمة تقليدياً مثل الزراعة والتجارة والخدمات. وأكد أن الأحساء تتمتع بعمق حضاري وثقافي وتنوع في مصادر الثروة؛ حيث تلتقي في الأحساء عناصر البحر والصحراء والنخيل والمخزون الهائل من الهيدروكربونات، بالإضافة إلى ثروة بشرية شابة مواطنة ذات إرث راسخ في توليد القيمة والإنتاج، ومتشوقة ومتحفزة دائماً للمساهمة في بناء الوطن وتحقيق الذات من خلال ما تنتجه وتساهم به في الاقتصاد الوطني.
مقومات لوجيستية تعزز التنافسية
أوضح عضو مجلس الشراكة اللوجيستي واللجنة التنفيذية للجنة الوطنية اللوجيستية عماد الغدير، أن الأحساء وجهة استثمارية واعدة ولديها الكثير من المقومات الاستثمارية في جوانب متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر: الثقافية، السياحية، الرياضية، الزراعية، الصناعية، واللوجيستية. مبينا أن المقومات اللوجيستية تتمثل في موقعها الجغرافي القريب من العاصمة والمتصل بدول مجلس التعاون الخليجي ما يجعلها مساهمة في تحقيق الأهداف.
ولفت إلى مشروع الجسر البري المتوقع أن يصل طوله إلى 1300 كلم بين الخليج العربي والبحر الأحمر من خلال المحطة القائمة، التي يمكن تطويرها مع اكتمال المشروع وزيادة النشاط بالإضافة إلى إمكانية زيادة الموانئ الجافة وتعميم تجربة الميناء الجاف بالرياض. وهو ما يجعلها تساهم في زيادة عدد المنصات اللوجيستية وتساعد في إدارة تدفق البضائع والطاقة والمعلومات والموارد الأخرى من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك.
الاستفادة من الموارد الزراعية
بيَّن الخبير الزراعي بوزارة البيئة والمياه والزراعة وعضو اللجنة الزراعية بغرفة الأحساء عبدالحميد الحليبي، أن المحافظة تعد منطقة استثمارية وسوقا قديمة، وشهدت حراكا استثماريا قديما وعريقا وأسواقا معروفة، ومع التطور في دولتنا الغالية ومع القفزة والانفجار الاقتصادي برؤية 2030 شكلت واجهة جديدة ووجها جديدا للاستثمار.
وأشار إلى توافر مقومات الاستثمار الزراعي من التربة والماء والطقس، والباقي فقط هو شغف الشباب وإقبالهم على الزراعة وتوافر الموارد البشرية واستغلال جميع المنتجات الزراعية وخامات أشجار الواحة من نخيل وغيرها وتطويرها وتهيئة مصانع للاستفادة منها، وهذا هو دور الجيل الجديد بأهمية استغلال هذه الثروات وتطويرها وإيجاد فرص عمل للموارد البشرية.
ودعا الجهات المعنية لتوفير الأسواق الكافية لهذه المنتجات سواء بتجهيزات الأسواق الشعبية أو الأسواق الرسمية المعتمدة على أطراف ومداخل الواحة وفي وسطها لتحفيز الشباب إضافة إلى دور المصانع الكبرى والتجار والمصدرين في تصدير المنتجات لباقي مناطق المملكة وخارجها.