«يمكن أن تتحول المنازل العائلية إلى رهان أفضل على المدى الطويل من امتلاك مستودعات التجارة الإلكترونية»
أصبحت شركات وول ستريت حريصة أكثر من أي وقتٍ مضى على شراء منازل عائلية. وإذا قاموا باقتناص الإمدادات الحالية بدلًا من المساعدة في بناء مساكن جديدة، فسيخاطرون بالقضاء على «الأوزة الذهبية» الجديدة الموجودة في جعبتهم.
وفي الأسبوع الماضي، اشترت مؤسسة «بلاكستون» للاستثمار العقاري محفظة استثمارية من الشقق مقابل 5.1 مليار دولار من شركة التأمين «أمريكان إنترناشيونال جروب». وفي يونيو، أنفقت الشركة الاستثمارية 6 مليارات دولار على «هوم بارتنرز أوف أمريكا»، وهي شركة تمتلك أكثر من 17 ألف منزل في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتقدم للمستأجرين خيارًا للشراء. وأطلقت شركة «كيه كيه آر» العملاقة للأسهم الخاصة قسمًا جديدًا سيشتري منازل لتأجيرها، حسبما ذكرت شبكة بلومبرج.
في الوقت نفسه داخل أوروبا، يزيد المستثمرون العقاريون من حصة محافظهم الاستثمارية في العقارات السكنية، وأطلقت شركة الملكية السكنية الألمانية «فونوفيا» مؤخرًا صفقة بقيمة 18 مليار يورو للاستحواذ على منافستها «دويتشة فونين»، أي ما يعادل 21.2 مليار دولار.
وعلى الرغم من أن المنازل المستأجرة أصبحت تجارة جذابة بين كبار المستثمرين، إلا أن هذا الاتجاه ليس جديدًا، حيث قامت «بلاكستون» بعمل رهانات مربحة على المنازل المحجوزة في أعقاب الانكماش الاقتصادي في 2008-2009. ولا يوجد دليل حتى الآن على قيام المستثمرين المؤسسين بمزاحمة مشتري المنازل العاديين، حيث قاموا بشراء منزل واحد فقط من كل 500 منزل في الولايات المتحدة تم بيعه في الـ12 شهرًا التالية لأزمة كوفيد- 19، وفقًا لشركة «أمهرست كابيتال».
ومع ذلك، سيزداد نشاط كبار المستثمرين الآن بعد أن جعل الوباء امتلاك منازل عائلية أكثر جاذبية، بينما تضررت الإيجارات التي تم جمعها من الأصول العقارية التجارية، مثل مراكز التسوق والمكاتب خلال أزمة كوفيد -19، واستمر معظم المستأجرين السكنيين في دفع متأخرات. ويمكن أن تتحول المنازل العائلية إلى رهان أفضل على المدى الطويل من امتلاك مستودعات التجارة الإلكترونية. وتقدر شركة «جرين ستريت» للأبحاث العقارية أن تأجير منازل الأسرة الواحدة في الولايات المتحدة سيحقق عوائد سنوية بنسبة 6.6٪، مقابل 6.3٪ بالنسبة للملكية الصناعية.
ويحل شراء المنازل العديد من المتاعب للمستثمرين الأقوياء. فالإسكان يعتبر فئة أصول كبيرة؛ لذلك يمكنه اقتناص الكثير من الأموال الزائدة. وتبلغ قيمة السوق الفرعي لمنازل الأسرة الواحدة المستأجرة بمفردها 3.1 تريليون دولار أمريكي، وفقًا لـ «أمهرست»، وهذا الرقم أكبر بنسبة 40٪ من قيمة جميع مكاتب الولايات المتحدة، وأكثر من ثلاثة أضعاف قيمة جميع فنادق الدولة. أيضًا، ويعد تأجير المنازل وسيلة جيدة للتحوط ضد التضخم. وتظهر بيانات شركة «كوليرز» أن الإيجارات زادت خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 15٪ في المتوسط في جميع أنحاء أوروبا.
ومن غير الواضح عدد المنازل العائلية التي يمكن للشركات المالية العملاقة اقتناصها قبل أن يكون هناك رد فعل عام عنيف. ويمتلك المستثمرون المؤسسيون بالفعل 55٪ من المعروض في الولايات المتحدة من المنازل متعددة العائلات، وعادةً ما تتكون من الشقق. مع ذلك، فهي صغيرة في الجزء الأكثر جاذبية من سوق الإسكان، وفي الوقت الحالي، هناك 2٪ فقط من جميع عقارات الأسرة الواحدة المتاحة للإيجار في الولايات المتحدة تقع بين أيدي مستثمرين مؤسسيين، وفقًا لـ «أمهرست».
وطوال فترة الوباء، تفوقت صناديق الاستثمار العقاري المتداولة علنًا والمتخصصة في هذه الأنواع من المساكن العائلية مثل: «إنفيتيشن هومز»، و «أمريكان هومز» على الشركات المماثلة لـ «أفالون باي»، التي تمتلك مجمعات سكنية.
لكن الإسكان حساس من الناحية السياسية، خاصة أن الأسعار المرتفعة بشدة خلال الأشهر الـ18 الماضية جعلت ملكية المنازل بعيدة عن متناول المزيد من الناخبين. وكمضاعف لدخل الأسرة، أصبح متوسط المنزل في الولايات المتحدة الآن أغلى مما كان عليه في الفترة التي سبقت انهيار الإسكان عام 2008، حسبما أظهر تحليل لبنك يو بي أس. وأي إشارة على أن المستثمرين الكبار يجعلون من الصعب على المشترين العاديين الصعود على سلم العقارات ستكون أمرًا مثيرًا للجدل.
وتقوم بعض الحكومات بتشديد الخناق بالفعل، ومنذ أن اشترت شركة الاستثمار العقاري «راوند هيل كابيتال» منازل مبنية حديثًا في أيرلندا، والتي عادة ما يتم تسويقها للمشترين لأول مرة، رفع السياسيون في البلاد الضرائب العقارية؛ لمنع المستثمرين المؤسسيين من اقتناص المساكن العائلية، كما يتم النظر في لوائح الإيجار في المدن الإسبانية الكبيرة، مثل: مدريد وبرشلونة؛ للحد من ارتفاع تكاليف الإسكان.
وأفضل طريقة لشركات الاستثمار الكبيرة للتعرض للعقارات السكنية دون إثارة حملة قمع هي المساعدة في بناء إمدادات جديدة. والبعض فهموا هذا الأمر بالفعل، حيث قال بنك «لويدز» البريطاني مؤخرًا إنه سيستثمر في العقارات المؤجرة لتنويع دخله، لكنه أضاف إنه يخطط لبناء معظم محفظته الاستثمارية من الصفر. بينما يبدو شراء بلاكستون لمجموعة شقق إيه آي جي للمستأجرين ذوي الدخل المنخفض أكثر إثارة للمشاكل.
لكن المشكلة تكمن في أن تخفيف النقص في المساكن ليس في الواقع في مصلحة المستثمرين المالية. لأن نقص العرض، إلى جانب حقيقة أن المزيد من العائلات الشابة لا تستطيع تحمّل تكلفة ملكية المنازل، هو بالضبط ما سيحقق العوائد الكبيرة المتوقعة في العقارات المستأجرة على مدى السنوات القليلة المقبلة. ويمكن أن تؤدي إضافة إمدادات جديدة إلى جعل هذه الرهانات أقل ربحًا، كما تعني أيضًا المخاطرة بالتنمية وسط ارتفاع تكاليف البناء بشكل كبير.
وللمغامرة برأس المال في مثل هذه العقارات الحساسة، يجب على المستثمرين أن يدرسوا هذه المقايضة جيدًا؛ لتجنب طردهم من قطاع المنازل العائلية.