@azizmahb
حظيت المنطقة الشرقية في عام 2014م بافتتاح أول فرع للجمعية السعودية للجودة الصادرة بقرار مجلس الوزراء، حيث كان ذلك الحدث برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية -حفظه الله-، الذي شرفني بمباركته على الافتتاح وتكليفي برئاسة هذا الفرع. كانت بداية الرحلة محفوفة بالتحديات كونها مرحلة تأسيس وبناء، ولكن سرعان ما انصهرت تلك المصاعب بعد تشكيل فريق العمل المميز الذي حمل على عاتقه، وبشغفه التطوعي، وهمته الوطنية تقديم حزمة نوعية من البرامج والمشاريع والمبادرات الواعدة، ولعلي أقف اليوم على أحدها بشيء من التفصيل وهو «مركز المقارنة المرجعية»، الذي أعلنا عنه في عام 2016م. ولكن قبل أن أتحدث عن فكرة ذلك المركز التي لم تكتمل وتنطلق بعد، دعوني أولاً أسلط الكشاف على مفهوم المقارنة المرجعية Benchmarking أو ما يطلق عليها المعيارية أيضاً، حيث يعرفها موقع هارفارد بزنس ريفيو أنها «عملية مقارنة مقاييس أداء الشركات مع المقاييس المعيارية للصناعة، التي تعمل بها الشركة أو مع مقاييس نفس الشركة في وقت سابق، أو مع مقاييس باقي الشركات المماثلة ضمن نفس الصناعة». وذلك بلا شك ينطبق على جميع المؤسسات في كل الحقول، ويشمل جوانب عدة مثل منهجيات العمل والعمليات والمنتجات ونحو ذلك. أما عن فوائد المقارنة المعيارية بشكل عام فهي تعين المؤسسات على قياس أدائها الحالي مقارنةً بالمؤسسات الرائدة لتحديد موقعها على خارطة التنافسية، وكذلك التعرف على الممارسات المثلى لدى تلك المؤسسات، مما يسهم في اكتشاف فرص التحسين وردم فجوة الأداء، وتعزيز قدرة المؤسسة وتطوير نظمها وإستراتيجياتها بما يصب في تحقيق النتائج المتميزة في غمار السباق، ويرفع من رضا العملاء والمستفيدين، وهو الأمر الذي تؤكده معظم نماذج التميز المؤسسي المحلية والعالمية. وتأتي فكرة إنشاء مركز المقارنة المرجعية، التي أدعو أن يتم تبنيها على المستوى الوطني، ليكون أحد الدعائم لجهود المملكة في هذه الحقبة الطموحة نحو امتلاك المستقبل، إذ تقوم فلسفة المركز على رصد أفضل الممارسات المتميزة لدى المؤسسات الوطنية في القطاعات الثلاثة (الحكومي، وقطاع الأعمال، وغير الربحي) وفق معايير دقيقة ومحددة، وفي المجالات ذات الأهمية، التي تسهم في تعزيز ودعم التوجهات والمبادرات المستقبلية للمملكة، منها مثلاً مجال القيادة الذي برز فيه أبناء الوطن، وإدارة العمليات، وإدارة المخاطر، والتحول الرقمي، والابتكار، وكفاءة الإنفاق، ورضا العملاء وغيرها، ليتم بعدها إتاحة تلك الخبرات للمؤسسات الأخرى شاملةً الأدوات المرتبطة بها، وذلك عبر وسائل متعددة كإنشاء منصة رقمية تكون بمثابة منارة تعلم، وغيرها من الوسائل بهدف مقارنة الأداء معها والتحسين الشامل في سبيل النهوض المتكاتف بعمل جميع القطاعات نحو المستهدفات المستقبلية الوطنية.
ختاماً أقول إن المملكة تمتلك تجارب ثرية رائدة جعلت مؤشر بوصلة الدول يتجه نحوها في حقول كثيرة، منها الصناعة المتطورة، وإدارة مخاطر أزمة كورونا الصحية والاقتصادية، وملف التعليم عن بُعد، والعمل الإنساني وغيرها، لذا بات مهماً أن يتم توثيق جميع تلك الممارسات المتميزة من خلال مقترح المركز الوطني للمقارنة المرجعية، ونقل تلك العدوى المحمودة بين المؤسسات السعودية، وكذلك تصديرها للخارج ليكون في مقدمة سباق التنافسية، وحديث العالمية... «التجربة السعودية».
@azizmahb
@azizmahb