إمكانات وأدوات وكوادر بشرية
قال المتخصص في القيادة التربوية د. زيد الخمشي: حقق التعليم عن بعد العديد من القفزات، من أهمها الحد من انتشار فيروس «كورونا»، واستمرار التعلم رغم ظروف الجائحة العالمية، التي جعلت التجربة السعودية محط أنظار المجتمع، وكيف استطاعت وزارة التعليم نقل المدرسة برمتها، بما تحتويه من إمكانات وأدوات وكوادر بشرية إلى العالم الافتراضي، فكانت منصة مدرستي التي برمجتها الأيادي السعودية الذين مكنتهم الوزارة من أجل إطلاق قدراتهم وإبداعاتهم، بما يوازي الطفرة التكنولوجية وتقنيات الجيل الرابع. وأشار إلى أن عودة التعليم الحضوري عودة لدورة الحياة، وعلى الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققها التعليم عن بعد، فإن العملية التربوية لا تكتمل إلا بعودة الطلبة إلى محاضنهم التربوية، وبالتالي اكتساب السلوكيات المناسبة للطلبة بحسب أعمارهم، وكذلك التعلم المباشر وغير المباشر للمهارات التعليمية التي يحتاج إليها الأبناء، والأهمية أن يكون التعليم عن بعد خيارا حقيقيا أثناء وبعد انتهاء الجائحة، وتفعيل التعلم المتزامن، والذي يتفاعل المعلم وتلاميذه في نفس الفترة ولكن بأماكن مختلفة، ويطلب من الطلاب المسجلين في مساقات التعلم المتزامن تسجيل الدخول إلى أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم خلال أوقات محددة مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، على أن يكون في غير ما يتطلب حضور الطلبة مثل المعلومات ومهارات البحث وغيرها.
استحداث وتطبيق طرق جديدة
قالت الأكاديمية المتخصصة في التجارة الإلكترونية ونظم المعلومات في الجامعة السعودية الإلكترونية د. إيمان اليامي: إن قرار الوزارة بتعليق الدراسة الحضورية للفئات الأكثر تأثرًا بالجائحة؛ ناتج عن إيمانها بأهمية ضمان الوضع الصحي الآمن لأبنائنا الطلاب والطالبات، وإيمانها بمقدرة المنظومة التعليمية على استحداث وتطبيق طرق تعليمية جديدة منها التعليم المدمج والتعليم المرن، والذي يراه الخبراء في الجامعة الإلكترونية أنه «النموذج التقليدي الجديد»، الذي بدأ يطبق بشكل متسارع مع إضافة تقنيات حديثة كانت تستخدم في مجال التلعيب «Gamification»، مثل تقنيات الواقع المعزز، والواقع الافتراضي.
وأكملت: الطلاب الآن أصبح لديهم مقدرة أكبر على استيعاب مثل هذه التقنيات، وغيرها، كنتاج للتعرض الرقمي، إذ أصبحوا أكثر خبرة وتمكن من استخدام التقنيات المتعددة التي تتطلب التواصل مع المعلمين والمعلمات عبر الحاسب والأجهزة اللوحية، منها الاختبارات الإلكترونية، والبريد الإلكتروني، وأدوات ووظائف المشاركة عبر منصات التعليم المدمج والإلكتروني.
وتابعت: بما أن وزارة التعليم نجحت وأثبتت جدارتها في عملية التحول الرقمي الكامل خلال فترة وجيزة، مما نتج عن استمرارية العملية التعليمية لمدة عامين متواليين.
الجرعات الإلحاقية تحقق المناعة المجتمعية
قالت الأستاذ المساعد استشاري طب الأسرة بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل د. ملاك الشمري: إن فتح باب التطعيم والجرعات الإلحاقية، وتسخير كل الجهود لتغطية أكبر عدد ممكن من السكان والمقيمين، والتركيز على فئة الشباب وطلاب المدارس؛ يؤهلنا للوصول إلى النسبة الضرورية لتحقيق المناعة المجتمعية، ألا وهي 70%، والوصول إلى هذه النسبة يرفع من مستوى المناعة، ويقلل من احتمالية الإصابة بفيروس «كورونا»، ومع الالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية، التي أكدتها وزارتا التعليم والصحة، في مؤتمرهما المشترك الأخير على لسان المتحدث الرسمي لوزارة التعليم والمتضمنة للشروط الضرورية من آلية البيع في المقاصف المدرسية، والإجراءات الوقائية، وإلغاء الطابور الصباحي، والبروتوكولات المتبعة في حال تأكد وجود إصابة في إحدى المدارس، وكلها تصب في مصلحة الطالب أولًا، وضمان صحته وصحة الكادر التعليمي، ووضوح الخطة الوقائية الموضوعة، وتحديد تاريخ العودة لجميع الفئات الدراسية، والنسبة المحددة لضمان سلامة الطلاب عند العودة الحضورية للمدارس يجسد مدى اهتمام وجاهزية الجهات المعنية والسعي إلى طمأنة الأهل والطلاب لعودة آمنة.
ركيزة أساسية لوقاية المجتمع
أكدت الأستاذ المساعد بقسم طب الأسرة والمجتمع واستشاري طب الأسرة والصحة العامة د. غادة اليوسف، أن العودة إلى المدرسة حضوريا بأمان، تعتبر أولوية مهمة للطالب؛ لملء الفاقد الاجتماعي والتعليمي الناتج عن الجائحة، وجاءت خطوة إعادة الطلاب بعد الحصول على جرعتين كخطوة مهمة، وجزء من إستراتيجية العودة بشكل كامل للطلاب إلى مقاعد الدراسة.
وأشارت إلى أن التطعيم هو الركيزة الأساسية لوقاية صحة المجتمع، ولإنهاء القيود التي فرضتها هذه الجائحة، وبالتالي العودة إلى مقاعد الدراسة بأمان، بالإضافة إلى الالتزام بالتباعد وارتداء الكمامات من قبل جميع الطلاب والمعلمين؛ لتقليل فرص انتقال العدوى، والتأكد من التهوية في الفصول الدراسية والمحافظة على غسل اليدين، ويجب على الطلاب والمعلمين البقاء في المنزل عندما تظهر عليهم أي علامات للمرض وإحالتهم إلى مقدم الرعاية الصحية الخاص بهم لعمل الفحوصات اللازمة وتقديم الرعاية الطبية لهم، وبالنسبة للفئة العمرية 12 سنة فأقل - ممن لم يثبت فاعلية اللقاح لهم حتى الآن - فمن الممكن تجربة الحضور الجزئي وتقسيم الطلاب إلى مجموعات قليلة في الفصل الواحد مع الالتزام بنفس الإجراءات الاحترازية المتبعة.
خطوة مهمة لجيل المستقبل
بينت استشاري الأمراض الباطنية بمستشفى الملك فهد الجامعي في جامعة الإمام عبدالرحمن، د. عائشة العصيل، أن الدراسة الحضورية للمرحلتين المتوسطة والثانوية خطوة مهمة لجيل المستقبل، خاصةً بعد أخذهم للقاح، فالبيئة التعليمية بتحصين الطاقم الإداري والتعليمي والطلبة أصبحت الآن آمنة، فخطر الإصابة بـ«كورونا» ضئيل جدا، أما مرحلة رياض الأطفال والابتدائية، فأفضل أن تكون عن بعد إلى وصول الحصانة المجتمعية أو اعتماد اللقاح لهم، خاصةً أن الأبحاث في أمريكا ودول أوروبا كانت نتائجها ممتازة، ومتى ما اعتمد لهم اللقاح فستكون البيئة التعليمة والمجتمعية آمنة، كالمرحلة المتوسطة والثانوية، وللعودة الآمنة يجب ربط الطاقم التعليمي والطلاب بـ«توكلنا»، لقائد المدرسة لمتابعة حالة التحصين، واعتباره جسر الأمان.
نقلة نوعية في كافة المراحل الدراسية
أكد الأستاذ المساعد في الذكاء الاصطناعي والشبكات اللا سلكية، بجامعة جدة د. عبدالله الدرعاني أن المملكة العربية السعودية تميزت بتجاوز التأثيرات السلبية لجائحة فيروس «كورونا» في التعليم عن بعد، وكان ذلك مؤشرًا على جودة البنية التحتية الرقمية التي حازت كثيرا من إشادات المنظمات الرقمية العالمية، وفقًا لمعايير الجودة والتميز.
وقال: إن التعليم عن بعد في المملكة شهد نقلة نوعية في كافة المراحل الدراسية، واستطاع أن يكون بديلا ناجعا للتعليم التقليدي، وكثير من المنصات الرقمية للتدريب والتعليم استطاعت أن تحقق نجاحًا كبيرًا في الوصول إلى المعرفة وتبادل الخبرات وقياس الأثر والتفاعل بين مكونات العملية التعليمية باستخدامات التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي، وإن التعليم عن بعد أو التعليم المدمج هو الطريق الأمثل لمستقبل المدرسة الذكية والجامعات الذكية والذي سيخلق تكاملا مميزا بين المعرفة والمصادر العلمية العالمية والمشاركة النوعية للعلوم بفروعها المختلفة.
وأضاف: استخدام التقنية والبنية الرقمية في العملية التعليمية هو صناعة للمستقبل من خلال رحلة علمية تتجاوز الحدود وتخلق الإبداع وتختصر الزمن للأجيال القادمة، والرقمنة الذكية وتطويعها في العملية التعليمية يتميز بصناعة المعرفة وسهولة الوصول إليها وتحليلها ومقارنتها، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة البحث والابتكار.
تقسيم الحضور على مجموعات متعددة
قرار مصيري يؤثر في جدول الأسر
أبان التربوي حسين الحسين، من الأحساء، أن قرار العودة للدراسة الحضورية، مدروس بعناية، وهذا ما تسعى إليه حكومتنا الرشيدة «أيدها الله»، موضحًا أن طلاب المرحلة الابتدائية لم يصلوا إلى مرحلة النضج المطلوبة للالتزام بالاحترازات الوقائية، وبطبيعتهم يميلون إلى اللعب والحركة، ما يجعلهم أكثر تواصل جسديا بزملائهم، بخلاف طلاب المتوسط والثانوي.
وتابع: من ناحية الفاقد التعليمي، بالإمكان الاستفادة من القنوات التلفزيونية، وأيضا منصات التواصل، من أجل التعويض قدر المستطاع، وبالنسبة للفصول أرجو النظر في أعداد الطلاب، وأن يكون الحضور مقسمًا على مجموعات متعددة حسب الإمكانات المتاحة.
أشارت الأكاديمية والمستشارة في التحول الرقمي بجامعة الملك سعود د. عبير الحميميدي إلى أن قرار العودة للمدارس مصيري لجميع الأسر داخل المملكة، ويعتمد عليه جدول الأسرة وحياتها اليومية، وأن قرار العودة للمدارس، سواء حضوريًا أو عن بعد، والذي صدر مؤخرًا، أولى المواطن وأسرته وصحتهم المقام الأول، بحيث لا تتم العودة إلا بعد أخذ جرعة التطعيم الأولى، على أن تكتمل التطعيمات لجميع الطلبة قبل العام الدراسي لمن هم فوق 12 سنة، وحفاظًا على صحة الأطفال، تم الأخذ بالتدريس عن بعد.
وأضافت: ما أخذ من ترتيبات لتسهيل تطبيق قرار العودة للدراسة وذلك بالجودة المطلوبة، بما يصب في مصلحة الطالب، وما يضمن سلاسة التطبيق، والمملكة خطت خطوات واسعة ومتقدمة في التعليم الإلكتروني، وجعلت جودته توازي التعليم داخل الصف، وبالتالي كان عامل الصحة هو المحدد للقرار بالمقام الأول.
بادرة لكبح جماح الجائحة
قال المشرف التربوي بتعليم الأحساء وجدي السعيد: إن عودة الدراسة الحضورية بادرة متميزة لكبح جماح الجائحة، وإن ما توفره لنا القيادة الرشيدة «أيدها الله»، من وقاية وحماية للنفس البشرية من توفير اللقاح لجميع المواطنين والمقيمين، جعل وزارة التعليم تصدر قرار عودة فئات من الطلاب إلى مقاعد الدراسة، مع إجراءات كثيرة ليكون للطلاب والطالبات بوابة الأمل؛ لتكتمل الدراسة وسط جو آمن ومريح ومرن من خلال أساليب التعليم المختلفة، مع وجودة منصة مدرستي الرائعة في الدمج بين التعليم الحضوري والإلكتروني في تفعيل الواجبات المنزلية والحضورية، والاستفادة من حصيلة الدروس السابقة في شروحات المعلمين المتميزين.
وأكمل: تستوعب الإدارات التعليمية في مناطق ومحافظات المملكة دورها الفعال في توظيف العودة واستثمار ذلك في مصلحة العملية التعليمية، من توفير جو ملائم وآمن وصحي للطلاب والطالبات.
توفير المعقمات والكمامات
اتفق الطالبان «عبدالكريم الخليفي»، و«عبدالله الرشيد»، من الأحساء، على أهمية استمرار الدراسة من خلال المنصات التعليمية، مع التعليم الحضوري، كرافد داعم في حال وجود تكدس للطلاب في المدارس، مع أهمية العمل على التعقيم المستمر وتوفير المعقمات والكمامات، والاستفادة من تجارب الجهات التي سمحت بدخول أعداد كبيرة، مثل التجمعات الرياضية، والمناسبات الكبيرة، مع التشديد على عدم استخدام الأدوات الدراسية الخاصة بكل طالب.
استثناء أصحاب الأمراض المزمنة
متحورات سريعة الانتشار
أكد ولي الأمر فيصل الدولة، من الأحساء، أن العودة لمقاعد الدراسة الحضورية أمر إيجابي، ويجب أن تكون هناك إجراءات مشددة، يلتزم بها الجميع، واستثناء أصحاب الأمراض المزمنة من الحضور حتى وهم محصنون بالجرعات الكاملة حفاظًا على سلامتهم.
وأضاف: في حال لم تستطع المدرسة تطبيق التباعد الاجتماعي، يقسم حضور الطلاب للمدرسة كمجموعات مثلا، يوم حضوري ويوم عن بُعد، إضافة إلى تقليص زمن الحصص، وإلغاء الطابور الصباحي، وأن تكون الوجبات من المنازل، وعدم البيع في المقاصف إلا للضرورة.
اتفق وليا الأمر «محمد السبيعي»، و«سعود الشاهين»، من مدينة العيون بالأحساء، على المطالبة بالاستمرار في التعليم عن بُعد، من خلال المنصات التعليمية على الأقل للفصل الدراسي الأول، وبعدها يتم دراسة الوضع الراهن، خاصةً مع زيادة المتحورات للفيروس، والتي تصيب صغار السن، وسريعة الانتشار.