وفي محاولة الميليشيا فرض الإيقاع الذي تريده على جميع ما يدور في لبنان، بعد تطويع الدولة ومعظم زعاماتها السياسية بات يلعب بكل ما لديه من أوراق غير آبه بالنتائج، خاصة مع تعالي الأصوات ضده في كل المناسبات رافضين تهديداته ليس بالخيانة فحسب كما يفعل مع كل من يعارضه؛ بل حتى التهديد بالقتل، لم يعد يخيف اللبنانيين الذين بات الكثير منهم مستعدًا للتضحية من أجل استعادة الوطن والسيادة وطرد إيران وميليشياتها، كما ظهر في مظاهرات الذكرى الأولى لانفجار بيروت ومناسبات عديدة قبل ذلك.
دلالات مهمة
هذه الحادثة كما يرى مراقبون لبنانيون، لها دلالات مهمة في هذا الوقت بالذات، فاللبنانيون في معظم المناطق اللبنانية وحتى داخل ما يسمى البيئة الحاضنة للحزب، باتوا يرفضون الدور الذي يلعبه الحزب في تنفيذ الأجندة الإيرانية ضاربًا عرض الحائط بمصالح لبنان واللبنانيين، في ظل ظروف كارثية يعيشها البلد على جميع المستويات الاقتصادية والمعيشية والصحية، إلى آخر الأزمات التي أوجدها الحزب بالتعاون مع شركائه في الطبقة السياسية.
وتوضح الأحداث إن كانت في منطقة خلدة أو داخل بيروت، ومظاهرات ذكرى انفجار المرفأ، أو رفض أهالي قرية شويّا استخدام قريتهم منطلقًا لمغامرات وصواريخ «حزب الله»، أن الحزب يعاني، وأنه لم يعد يخيف اللبنانيين رغم ما سرحه المنفلت والذي يهدد به الآخرين بشكل دائم، وهذا يؤكد أن أقسامًا كبيرة من اللبنانيين باتت تعلن موقفها ضد «حزب الله» كتنظيم سياسي – عسكري يحاول أن يقدم نفسه كعدو لإسرائيل. وأيضًا باتوا رافضين كل ما يروج له عبر كل الوسائل، أنه حامي مصالح اللبنانيين وأمنهم من إسرائيل.
أوراقه للضغط
ويرى مراقبون لبنانيون أن هذه المرحلة دقيقة للغاية؛ فالحزب المذكور يعاني من أزمات وعقوبات، وهو يحاول استخدام كل أوراقه للضغط على اللبنانيين لإخضاعهم، وكذلك مع الطبقة السياسية، وبشكل خاص مع حلفائه «حركة أمل وتيار الرئيس ميشيل عون»، مؤكدًا أنه من المطلوب وجود موقف أوروبي وأمريكي جاد في مساعدة اللبنانيين وليس محاباة إيران و«حزب الله»، فالعزلة التي يعاني منها هذا الحزب في الداخل اللبناني إضافة إلى تأثير العقوبات، يلزمه مزيد من الضغط على حلفائه في الداخل ورفع الغطاء السياسي عنه من قِبل التيار الوطني الحر ورئيس حركة أمل نبيه بري، الذي بات واجبًا عليه النأي بنفسه عن هذا الحزب الإيراني الأجندة والهوى.
ورغم هيمنة الحزب بسبب حيازته السلاح، وفرض إرادته على مفاصل الدولة، وقدرته على تسيير أو تعطيل أي تفصيل مهما بدا صغيرًا في الحياة السياسية أو الاقتصادية، وحضوره الذي بات ثقيلاً ليس على الآخرين؛ بل وصل الأمر إلى الطائفة الشيعية في لبنان، وبات هذا الحزب يتحسب من أن تتخلى عنه ما تسمى «الحاضنة» مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وعدم قدرته على تقديم المزيد للطائفة الشيعية، حيث بدأ يحصر مساعداته داخل قاعدته الحزبية وعائلاتهم، فيما التململ بات سيد الموقف في البقاع والجنوب.
مرحلة خطرة
وما يواجه الحزب الآن هو الأخطر منذ أن أسسته إيران عام 1982 ليكون ذراعها ومنفّذ أجندتها القاتلة، وحالة التململ وخيبة الأمل لجمهوره الذي كان يعتقد في عدالة قضيته في مقاومة إسرائيل والاحتلال، اتضح أنها ليست سوى العباءة لتنفيذ مصالح إيران على حساب قوتهم ومستقبل أطفالهم، وبلدهم وصل إلى الانهيار على جميع الأصعدة المالية والاجتماعية والاقتصادية.
وهذا الحزب، بحسب مطلعين، أصبح في عزلة شعبية وسياسية محلية وإقليمية ودولية.
والرفض الذي عبَّر عنه أهالي بلدة شويّا، أظهر إلى أي مدى بات هذا الحزب وأعماله مرفوضين حتى داخل المناطق التي يعتبرها مناطقه، ويهيمن عليها، خاصة في الجنوب حيث يفرض سيطرة عسكرية وأمنية وسياسية بذريعة المقاومة ضد إسرائيل، وأنه لم يعد ممكنًا السكوت عمَّا يسببه هذا الحزب من مآسٍ للجنوبيين، فصواريخ «حزب الله» التي أطلقها في 4 أغسطس ردت عليها إسرائيل بمئات القذائف التي أحرقت محاصيلهم وأراضيهم، وكل ذلك لأن زعيم الميليشيات يريد التشويش على ذكرى كارثة مرفأ بيروت التي يتحمل المسؤولية عنها.