وحتى نفهم حقيقة نشأة النرجسية لدى الإنسان فلا بد أن نعرف مراحل الحب الخمس، فإن علماء النفس يؤكدون أن الحب يمر بخمس مراحل إلا أن النرجسي يتوقف عند المرحلة الأولى ولا يتطور أو ينمو للمراحل الباقية، فأولى هذه المراحل هي مرحلة حب الذات مثل حب الطفل في مرحلة الرضاعة لنفسه، والمرحلة الثانية هي الحب الطفلي وهي حب الطفل لوالديه، والثالثة حب الشباب المبكر وهي حب الأصدقاء، والرابعة الحب في مرحلة الرشد وهو حب الشريك أو الرفيق، والخامسة وهي حب الحياة، مثل الحب الذي يكون بين الزوجين فهما يتعاونان على تأسيس حياة سعيدة وتربية الأطفال، أما الشخص النرجسي فيكون أقوى حب عنده حب الذات وهو الحب في المرحلة الأولى ويتوقف عند ذلك ولا يستمر للمراحل الباقية.
كما أن النرجسي فيه صفتان أساسيتان وهما الإعجاب والمنافسة بحماية نفسه، فأما الإعجاب فهو يرى ذاته عظيمة ومميزة فيكون معجبا بنفسه، وأما المنافسة بحماية نفسه فهو يرى نفسه دائما أفضل من الآخرين ويحب أن يرى خصومة في حالة الفشل، وعندما يبدأ النرجسي بعلاقة عاطفية فإنه في الغالب تكون بدايته جيدة ثم تتحول العلاقة للتحكم بالطرف الآخر ولفت النظر.
ولعل من طريف ما قرأت بعض الدراسات التي تفيد بأن انتشار شبكات التواصل الاجتماعي عززت من تضخم الذات وخاصة عندما يكثر الشخص من تصوير نفسه (السيلفي)، فيكون دائما في حالة الإعجاب بنفسه أو من أجل ترويج نفسه وهو ما يعرف بمصطلح الترويج الذاتي (self-promtion) أو الكتابة عن النفس، فيحدث التعلق الذاتي وتجد الشخص يحدث حالته كل خمس دقائق في شبكات التواصل الاجتماعي ويرفع صورا لنفسه بشكل دائم، فكل هذه التصرفات تساهم في تضخيم الذات عند البعض مما يساهم في تعزيز النرجسية، وبعض الشباب من كثرة رؤيته لنفسه وتصوير شكله صار عندهم فهم خاطئ للصحة والرياضة، فصار كأن الغرض الأساسي من بناء العضلات التفاخر وليس الصحة وتقوية الجسد وهذا يدعم النرجسية نفسيا، فالنرجسية سلوك سلبي وضدها أن يكون الإنسان هينا لينا سهلا متواضعا ومرنا، وعلاج النرجسية أن يتعلم النرجسي التواضع ويحث نفسه على تهذيب نفسه من التكبر والغرور والعجب وصفات النرجسية، بالإضافة للعلاج السلوكي فهو العلاج الوحيد لهذا النوع من الاضطرابات، فيتعلم أن تكون العلاقة والصداقة أكثر اتزانا، ويتعلم كيف يتقبل الآخرين، وأن ينظر للآخرين نظرة معتدلة.
@drjasem