ويقول الكاتب والروائي الهندي بانكاج ميشرا في تحليل نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء: إن الأفكار التي ابتكرها دعاة العولمة الغربيون، عفا عليها الزمن حتى قبل التحولات الدراماتيكية التي شهدها العالم خلال العام الماضي بسبب جائحة فيروس كورونا. على سبيل المثال تجاوزت الصين ومنذ وقت طويل حالة «الدولة الصاعدة»، ولكن مع اعتمادها الشديد على صادرات النفط والغاز الطبيعي واقتصادها المعزول، لم تعد روسيا جزءًا من تجمع بريكس.
واليوم، اتضح أن الاحتفاء البالغ بالنمو السريع وتراكم الثروات، يمثل عصرًا ساذجًا وغير عاقل، في الوقت نفسه، فإن انعدام المساواة بعد جائحة كورونا، سيكون خطرًا قاتلاً متزايدًا للنظام الاجتماعي اليومي وليس فقط للديمقراطية في الاقتصادات الصاعدة.
وقد أصبح هذا الأمر واضحًا تمامًا خلال الشهر الماضي، عندما شهدت جنوب أفريقيا أسوأ موجة عنف تمر بها منذ انهيار نظام الفصل العنصري في مطلع تسعينيات القرن الماضي. وانتشر اللصوص والمخربون بإشعال الحرائق عمدًا في مختلف أنحاء البلاد، ودمروا المراكز التجارية والمستودعات الصناعية وأحرقوا الشاحنات، ولقي مئات الأشخاص حتفهم في أعمال العنف، ووصلت خسائر العقارات والمؤسسات الاقتصادية إلى مئات الملايين من الدولارات، لتحتاج جنوب أفريقيا إلى سنوات عديدة حتى تعوض هذه الخسائر.
وكان السبب المباشر لاشتعال أعمال العنف الأخيرة في جنوب أفريقيا هو الحكم على الرئيس السابق جاكوب زوما بالسجن لمدة 15 شهرًا بسبب رفضه التعاون مع التحقيقات في وقائع الفساد التي شهدتها سنوات حكمه التسع.
كل من الهند والبرازيل تعاني انقسامات اجتماعية حادة على أساس العرق والدين والطبقة الاجتماعية والطائفة، كما يتزايد التفاوت بين الحضر والريف، وهناك طبقة حاكمة غير كفؤة وإن لم تكن فاسدة على مدى سنوات طويلة في البلدين، ولكن الأوضاع أصبحت أشد سوءًا خلال الشهور الأخيرة، وأصبح انعدام المساواة أكثر وضوحًا وتركيزًا في الهند التي تضم اثنين من بين أغنى ثلاث شخصيات في آسيا، وهما موكيش أمباني، الذي تقدر ثروته بنحو 78 مليار دولار، وجاوتام أداني، وتقدر ثروته بنحو 53 مليار دولار.
في المقابل، شهدت الهند أكبر انهيار للطبقة المتوسطة التي تعتبر قاطرة الاستهلاك في أي اقتصاد حديث، وعاد أكثر من 200 مليون هندي إلى دائرة الفقر حيث لا يصل دخلهم إلى 5 دولارات يوميًا.
وكما ترافق انتشار فيروس كورونا المستجد في الهند، مع تصاعد الهجوم على المؤسسات الديمقراطية، تكرر نفس السيناريو في البرازيل، وأسهم الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو في تعميق مأساة جائحة كورونا في بلاده، بسبب إنكاره خطورة الأزمة في البداية ثم معارضته اللقاحات، كما قوض نظم أدوات الحكم الرشيد من خلال مراسيمه المتعسفة.