بعد أن أرسى أبو رشيد قدميه في مجال عمله، أخذ يبحث عمن يساعده في تطوير شركته، وقد وفقه الله بأن التزم جانبا معينا في عمله، ولم يتفرع إلى جوانب كثيرة، فقد اختار خدمات الغاز والنفط كنقطة انطلاق، استمر فيها، وأجاد فيها بامتياز، وتمكن بتوفيق من الله، من الارتباط بعدد من الشركات القوية والكبيرة والمؤثرة، كما أعانه الله في استئجار القوي الأمين، من رجال أكفاء في عالم صناعة الغاز والنفط.
وقد كانت تلك المسيرة ناجحة بكل المقاييس، وبمعالم واضحة للعيان، للقاصي والداني، وصحبت سيرته المهنية، سيرة برفاق دربه ومحبيه، سيرة يشار إليها بالبنان، وبلا حدود، ولكن في نهاية المطاف، هكذا هم الطيبون، يرحلون سريعا، تاركين وراءهم كما كبيرا وعريضا من الذكريات، وبالنسبة لكاتب هذه السطور، فقد عزيزا، باتت تتقاطع في مخيلته ذكرياته، وعادت سيرته القربية جدا من أبي رشيد يرحمه الله، ولسنوات، تعود للذاكرة، فقد شارك الكاتب أبا رشيد يرحمه الله العديد من اللقاءات بشركات كبرى، من أرجاء المعمورة، وفي منزله في «الخبر» التي ستفقده، شارك المرحوم في استضافة قمم من رجالات الغاز والنفط، ومن الأمور التي يتذكرها عن المغفور له بإذن الله، أنه عندما يغضب من أمر هام فإنه يستمع بقدر الممكن، إلى ما يطرح عليه من رأي ومشورة.
وسأقف هنا لسرد مثال قصير، كنا في بريطانيا ذاك الصباح، ووصلت إليه هاتفيا «وشاية» عن أحد كبار موظفيه، وكنت بجانبه، كان بالفعل غاضبا، ولكنه لم يشر إلى الاتصال الهاتفي، لا من قريب ولا من بعيد، أبلغني عن ذلك ظهرا، وكان وقتها قريبا جدا من اتخاذ قرار صارم تجاهه، طلبت منه التريث، قدمت له مشورتي آخر النهار، تبناها رحمه الله، واتخذ قرارا أكثر إيجابية.
أقول في الختام، إن الذين يعرفون أبا رشيد، لا يمكن إلا أن يتحدثوا عن سيرته الطيبة، تلك السيرة التي جعلتني أحاول مرارا وتكررا زيارته، خلال وجوده في المشفى، ولكني وغيري كثيرون، لم نوفق في ذلك، رحمه الله رحمة واسعة.
إلى كل من أحب أبا رشيد أقول، إن كل مصاب لا يعادل مصيبتنا في رسول الله، ولا الكاتب ولا القارئ الكريم، ولا المتوفى غفر الله له، بأفضل من رسول الله، فلنتعزى بموت خير البشر ونصلي عليه، عسى أن يرحم ببركته ميتنا، أبا رشيد، وإلى الأخت أم رشيد وبناتها، سلمهن الله جميعا، وإلى الأحبة، رشيد، وعبدالعزيز، وخالد، ومحمد، أقول.. عليكم بالصبر، فإن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس له، ولا إيمان لا صبر له، ختم الله على قلوبكم جميعا، وعلى محبي أبي رشيد من رفاق الدرب والأصدقاء بصبره،
إنه سميع مجيب، وإنا لله وإنا إليه راجعون.