اسم السودة مشتق، في أغلب الروايات، من سواد صخورها ومن كثافة الغطاء النباتي بها. السودة هبة ربانية من الخالق جل وعلا. في السودة تتجلى شخصية المكان بأبعاده الطبوغرافية والنباتية والبيئية في تكرار بالغ الجمال طوال أيام السنة. التنزه في السودة صيفا أو شتاء تحت زخات المطر والتلحف في كنف ضبابها بلفحات من نسيم هوائها المحملة بعبق العرعر والشث والعثرب تجعل منها مكانا راسخا في الذاكرة لكل من اكتحلت عيناه بها واشتم رائحة عطرها وزارها يوما ما. والسودة موعودة بإذن الله بنهضة سياحية واعدة في ضوء رؤية 2030 والتي ستضع السودة ومنطقة عسير والمملكة عموما على خارطة السياحة العالمية.
وكما كانت اللغة دليلا على معنى السودة فإنها دليل على معنى جبل فرواع وسبب تسميته. ورد في معجم لسان العرب لابن منظور في مادة فرع ما يلي «فرع كل شيء أعلاه.. والفراع ما علا من الأرض وارتفع.. والفرعة رأس الجبل وأعلاه خاصة.. ومنه قيل جبل فارع.. أطول مما يليه.. وفارعة الجبل أعلاه.. وفارع مرتفع طويل.. ورجل مفرع الكتف أي عريضها وقيل مرتفعها.. وأفرع فلان طال وعلا....». هذا ليس مقالا لغويا ولكن اسم الجبل لم يأت من فراغ فاسمه دليل عليه. إذ يبدو الجبل لراصده وكأنه استمرار مهيب لجبال تهامة وهي تشرئب بأعناقها نحو السماء إلى أن تبلغ ذروتها في قمة الجبل. وعلى عكس السودة ذات القمة المخروطية المكسوة بغطاء نباتي أسود من كثافته فإن جبل فرواع مسطح خال من النبت لأنه أقل إمطارا نظرا للتكوين الجيولوجي العام لجبال منطقة عسير.
وعلى عكس السودة أيضا فبالرغم من الأهمية المعرفية لـ «أعلى قمة في المملكة» – إذا ما تأكدت هذه الحقيقة العلمية باعتبار أن جبل فرواع هو الأعلى - فإنه بالإمكان استثمار هذه الحقيقة سياحيا بما يعود بالفائدة والنماء على الجبل والمناطق المحاذية له وهو ما يصب أيضا في عملية التنمية السياحية في المنطقة.
قد تبدو الكتابة عن هذا الموضوع غير ذات أهمية وإسالة للحبر في غير منفعة. غير أن حقيقة جغرافية بهذه الأهمية وفي وطن يمم وجهه صوب السياحة الداخلية تجعل من إجلاء الحقيقة حول هذا الموضوع أمرا ذا معنى إن لم يرق إلى درجة أن يكون ملحا. ونحن عبر هذه النافذة نناشد الجهات المعنية في حسم هذا الجدل طلبا لإدراك الحقيقة ليس إلا.
[email protected]