قد يصف أحد الأشخاص نفسه أنه كريم معطاء متسامح لكنه انتقائي فليس هو كذلك مع كل الناس وقد تكون المصالح دافعه الحقيقي ليتقمص هذا الدور الذي ليس من شخصيته الحقيقية أصلا ويجبر الآخرين على تصديقها ورؤية ما يريده هو فقط.
وإذا ما استمرت حياتنا بهذه الوتيرة فلن نصلحها مطلقا ولن نكتشف صفاتنا التي تحتاج للتقويم فنحن لا نريد أن نسمع ولا نريد أن نجلس جلسة مصارحة تقودنا للتغيير فتتعاظم أخطاؤنا ونخسر من حولنا خاصة إذا أدركنا أن محيطنا الصغير هو الأكثر سهولة في تعاملاتنا فيقل الحذر ونكون على بساطتنا نخرج كل ما في جعبتنا من الجيد والرديء.
إن إغماض العين عن النقاط العمياء ليس حكرا على فئة من الناس بل حتى الأذكياء والمتفوقون المغتبطون بذكائهم الذي لا يهم أحدا سواهم فليس له علاقة في علاقتهم مع الآخرين بل إن الكثير من المتفوقين دراسيا أغبياء اجتماعيا !!
المتعب في فن العلاقات عندما تحاول أن تنتشل أحدهم من استرساله في ضبابيته وعدم اكتشاف نقاطه العمياء فيبادرك بقوله «وأنت أيضا فيك كذا وكذا» فهو ينتظر متى تسكت لينقض عليك معتمدا على خبراته في الحياة التي لم تتعد أصابع اليد ! فمهما أحسنت نيتك تظل صورتك ثابتة لا تتغير وصورته عن نفسه كذلك.
الكثير من الأشخاص يعيش بشخصية عدوانية خفية مرتديا قناع البراءة يستفز الآخرين ويستمتع بانفجارهم أو غضبهم فمثلا يتعمد البعض زيارة كبار السن بملابس لا يقبلونها مطلقا وتتغير تعابير وجههم إذا شاهدوها ومع ذلك يصرون على استفزازهم في كل مرة، وهذه النقطة العمياء التي لم يدركها هؤلاء ممزوجة بقلة الاحترام ! فإذا انفجر كبير السن في وجهه تقمص شخصية الضحية وشيطن هذا المسكين الذي لم ينزله قدره ولم يعبأ برغباته البسيطة خاصة إذا كان غرض اللقاء شيء من بره في بيته !
إننا غالبا نحتاج لهزة أرضية تعيد لنا توازننا وتوقظنا من حلم أننا الجيدون أصحاب الصفاء والنقاء والعادات الجميلة وغيرنا أسوأ خلق الله.. لأننا حقيقة كغيرنا من البشر نحمل جانب الخير والشر ونحتاج للتغيير الإيجابي في كل حين فإن عبر بنا قطار الزمن دون تغيير فقد فشلنا حقا !
ونظل نأنس بالتذكير وحسن الظن بالناس وإعطاء أنفسنا حجمها الطبيعي دون الإفراط في جلدها أو إعلائها أكثر مما تستحق.
@ghannia