DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الفحص النفسي قبل الزواج.. كشف لأسرار المرضى أم ضرورة لحماية الأسرة؟

مشروع يرصد سجل الخاطبين قبل الارتباط

الفحص النفسي قبل الزواج.. كشف لأسرار المرضى أم ضرورة لحماية الأسرة؟
بذلت وزارة الصحة جهودا كبيرة، في حماية الأسرة، من خلال خطوة الفحص الإلزامي قبل الزواج، والذي يشمل الأمراض الوراثية والمعدية، على اعتبار أن «الزواج الصحي»، يحمي أفراد الأسرة من المخاطر المرضية المحتملة، ويساهم في بناء أسرة سعيدة ومستقرة، فيما اختلف مختصون حول ضرورة إدراج فحص الإدمان والحالة النفسية؛ لمكافحة الآثار السلبية الناتجة عن الزواج العشوائي، بين من اعتبر هذا الفحص ضرورة لحماية الأسرة وصحة الأبناء مستقبلا من تحديات الأمراض النفسية والسلوكية، وبين من رأى أن الفحص قد ينتهك خصوصية المريض والكشف عن أسراره، وبالتالي يجب أن يتم في حدود ضيقة، ليشمل الكشف عن تعاطي المخدرات وليس عموم الاضطرابات.
بوابة استعلام عن تاريخ الخاطبين
أكد عضو هيئة التدريس بقسم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية د. ناصر العواد، أهمية مواجهة تزايد المشكلات النفسية وقضايا التعاطي، مشيرا إلى أنه قبل 8 سنوات تمت دراسة مشروع «بينة» للاستعلام عن المقبلين على الزواج من الجوانب النفسية والاجتماعية والعدلية والأمنية، لكن للأسف لم ير النور.
وشدد على أهمية إعادة طرح المشروع للاستعلام عن المقبلين على الزواج، موضحا أنه يشمل تنظيم عملية الزواج من خلال إيجاد عدد من الخدمات الاختيارية التي توفر المعلومات الجوهرية عن الطرفين والتي قد يؤثر غيابها على استمرارية العلاقة الزوجية ونجاحها.
وقال إن المشروع بوابة للاستعلام الإلكتروني للخاطبين، تتيح لهما، الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالحالة الاجتماعية والسجل القضائي والائتماني، بالإضافة إلى المعلومات المتعلقة بالصحة النفسية التي يتم التوصل لها من خلال مجموعة من الفحوصات لكل من الشاب والفتاة الراغبين في الارتباط وتكوين أسرة على أساس من الشفافية والوضوح.
منع الارتباط برغبة أحد الطرفين قد يكون جيدا
أوضح الأخصائي النفسي د. عبدالله الطحيني، أن الفحص النفسي قبل الزواج، يجب أن يشمل السموم أو المواد المحظورة؛ لأنه قد يفيد ويعطي انطباعا جيدا للطرف الآخر، مشيرا إلى أن استخدام المواد المخدرة أو المحظورة، مرتبط بالسلوك العدواني أو الإجرامي، وقال إن منع حدوث الارتباط برغبة أحد الطرفين قد يكون جيدا ويمنع تبعات سلبية كبيرة مستقبلية.
أما فيما يخص الفحص النفسي لعموم الاضطرابات، فرأى «الطحيني»، أن كثيرا من الاضطرابات يمكن علاجها، ولا تمنع من الزواج والارتباط وحتى الإنجاب وبناء أسرة صحية، وبالتالي فهو لا يتفق مع هذه النقطة، مشيرا إلى أن تصنيف الاضطرابات النفسية كلها في قالب واحد، يسفر عن عوامل سلبية كثيرة من بينها «وسْم» الشخص بـ«المضطرب نفسيا»، ولا أحد يجزم بأن أحد الطرفين سيحافظ على خصوصية الآخر في حال لم يُكتب الارتباط.
وتساءل «المناطق الطرفية هل لديها أطباء أكفّاء وبعدد كافٍ لعمل تقييم دقيق؟، وما مدى موثوقية المعلومات المعطاة من أحد الأطراف خصوصا أنه طلب للفحص لا العلاج والتدخل، فما المصلحة أنه يعطي معلومات دقيقة؟!».
وأضاف «حق من حقوق المصابين بالاضطرابات النفسية أن يعيشوا حياة كريمة ويتزوجوا إذا ما وجدوا الطرف الذي يقبل بهم»، مشيرا - في الوقت ذاته - إلى أن الاضطراب شديد الوطأة له آثاره الوراثية والاجتماعية وله تأثيره في العلاقة والتواصل وله طبيعته المزمنة.
وتابع «وجود الفحص النفسي المُطلق قبل الزواج ليس خطوة للأمام، وإذا ما اتخذت هذه الخطوة فيجب أن تكون بعد الاستئناس بآراء المختصين الكبار ذوي الخبرة في هذا المجال».
وأشار إلى أن تأثير المشاكل النفسية على الحياة الزوجية مختلف على حسب طبيعة الاضطراب والمعاناة، وحسب حدته، وإذا ما استثنينا الاضطرابات شديدة الوطأة «المصاحبة بانتكاسات متكررة وتنبؤ مستقبلي معوز» وهي نسبة ليست بالكثيرة، فبإمكان البقية وهم النسبة الأكبر أن يقدموا على الزواج ويعيشوا حياة طيبة وقد يكون الزواج عاملا مساعدا في العلاج.
مظلة آمنة للزوجين والأبناء
قال أستاذ الفقه المقارن والمستشار القانوني د. عبدالواحد المزروع، إن الإسلام اعتنى بالأسرة عناية فائقة وخاصة وكبيرة وعظيمة، ووصف الزواج في الإسلام بأوصاف تدل على أهمية هذا المشروع ومن ذلك قوله تعالى «ميثاقا غليظا»، وهذا الوصف يجعل للموصوف أهمية كبيرة جدا، وحينما شرع النكاح بين الزوجين تمت إحاطته بسياج ليحافظ عليه ويكون في مأمن من أي أضرار.
وأضاف إن رحلة الزواج في هذه الحياة تتطلب توفير جميع الظروف المناسبة لها وتهيئتها، مبينا أن الحياة الزوجية سكن، ومعنى ذلك السكون إليها والاطمئنان والراحة.
والإسلام شدد على العناية بالأسرة والأبناء، وتوفير بيئة صحية لها، وحينما يقرر ولي الأمر وجوب الفحص قبل الزواج بأنواع الفحص فإن هذا يعد واجبا شرعيا يجب الالتزام به؛ لأنه يحقق مصلحة شرعية يتوخى من خلالها صحة وسلامة واستمرار الحياة الزوجية كمظلة آمنة للزوجين وذريتهما فيما بعد. وأكمل «السلامة الجسدية والعقلية والنفسية وغيرها هي من مطالب الحياة الزوجية الآمنة».
وقال إن فحص ما قبل الزواج مطلب ضروري خاصة مع وقوع بعض الحوادث التي تتسبب في أحداث لا تحمد عقباها، كما أن الفحص يسهم في معالجة من لديه خلل أو إشكال قبل الوقوع في الضرر.
6593 فحص زواج في الدمام
قال مدير مركز الفحص الشامل للزواج التابع لإدارة المراكز الصحية بالدمام بندر الخالدي، إن العدد الإجمالي للحالات التي تم فحصها خلال 2021م للزواج بلغت حتى الآن 6593 حالة منها 59 حالة غير متوافقة.
وعن طريقة فحص الزواج، أوضح «الخالدي» أن ذلك يتم عبر عدة خطوات هي: حجز موعد للزواج «سعودي - غير سعودي»، ثم استقبال طالب الخدمة لفحص الزواج مع بيانات الطرف الآخر، ثم التثقيف والتعريف بفحص الزواج، ثم سحب عينات الدم للزواج للأمراض الوراثية والأمراض المعدية، بعدها يتم تطعيم الإناث بلقاح «الحصبة الألمانية»، يلي ذلك إرسال النتائج بعد ظهورها إلى طالب الخدمة عن طريق الرسائل النصية، والنتائج السليمة ترسل مباشرة عن طريق الرسائل النصية، أما النتائج التي تحتاج إلى مشورة طبية لفحص الزواج، فإنها تشمل حجز أقرب موعد مع عيادة المشورة، وفي حالات عدم التوافق يتم الإحالة إلى جلسات المشورة الطبية. وأشار إلى أن الأسباب المؤدية لعدم التوافق أمراض الدم الوراثية، أو أن أحد الطرفين يحمل مرضا معديا.
وعن مدى صحة التوسع في فحص الزواج بحيث يشمل الفحص الإدمان والحالة النفسية، قال: إنه لا يوجد تعميم حتى الآن بخصوص ذلك ولكن للتوضيح فإن الزواج الآمن يعني سلامة أحد الزوجين من أمراض الدم الوراثية المشمولة بالبرنامج بغض النظر عن كون الطرف الآخر حاملا للمرض أو مصابا به، والزواج غير الآمن يعني: إصابة الزوجين بأمراض الدم الوراثية المشمولة بالبرنامج.
رفع الوعي بأمراض الدم الوراثية
أوضحت وزارة الصحة، أن «برنامج الزواج الصحي» يسهم في رفع الوعي مجتمعياً بأهمية إجراء الفحص المقرر قبل الزواج عن أمراض الدم الوراثية والأمراض المعدية والحد من انتشارها.
وقالت إنه يتم إجراء الفحص للمقبلين على الزواج؛ لوقف انتشار بعض أمراض الدم الوراثية «فقر الدم المنجلي والثلاسيميا»، وبعض الأمراض المعدية «الالتهاب الكبدي الفيروسي ب، الالتهاب الفيروسي ج، نقص المناعة المكتسب»، ونشر الوعي بمفهوم الزواج الصحي الشامل وذلك بغرض إعطاء المشورة الطبية حول احتمالية انتقال تلك الأمراض لأحد الزوجين أو الأبناء، في المستقبل، وإعطاء الخيارات والبدائل أمامهما؛ من أجل حمايتهما من الأمراض المعدية وحماية الأجيال المقبلة من الأمراض الخطيرة، لكنه لا يتضمن الفحص النفسي، وكذلك تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية.
ووفقاً لإحصائيات وزارة الصحة، فقد بلغ عدد المفحوصين منذ بداية البرنامج أكثر من 4.341.620 مواطنًا ومواطنةً، وتم اكتشاف 260 ألف حامل ومصاب لأمراض الدم الوراثية المشمولة في البرنامج، كما شهد البرنامج تطورًا ملحوظًا في استجابة الأزواج غير المتوافقين وراثيًا، إذ وصلت إلى 70 % مما يدل على وعي المجتمع بأهمية التوافق الوراثي، وبلغت نسبة الشهادات الصادرة لحالات عدم التوافق 1 %.
نتائج كارثية للتستر على الأمراض
حق المريض في الحفاظ على سجله الصحي
أكدت نوف التركي، أن نتائج التستر على الأخطاء والأمراض وقت الزواج «كارثية»، داعية الجميع إلى التعاون بتحمل مسؤولية الوعي وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وضمان بناء أسر متوافقة، وعلاج الخلل.
وقالت سلمى الشمري إن هناك معاناة حقيقية لدى الكثيرين جراء التسرع في الزواج، وللأسف فإن الموافقة المبكرة تجعل الطلاق أيضا مبكرا.
وتابعت «تزكية أحد الطرفين من الأقارب والأهل والجيران ليست كافية» مضيفة «يفترض أن يكون الفحص شاملا للعلاج وليس فقط إظهار النتيجة»، مشيرة إلى أهمية التوسع في الفحص بحيث يشمل الإدمان والحالة النفسية.
وبيّن الأخصائي النفسي فيصل آل عجيان، أهمية إجراء الفحوصات النفسية ما قبل الزواج، إلا أن الفحص قد يصطدم بذكر حقوق المريض من الجانب النفسي أو الجسدي. وأضاف: إن الأخصائيين النفسيين يرون أهمية عدم الكشف عن أسرار المريض، إلا أن الأمر بتقديري هو لصالح الجميع، لعدم وقوع الغش الذي قد ينهي حياة الزوجين بالانفصال.
وأشار«آل عجيان» إلى أن الأمراض النفسية لدى الزوج كالفصام أو ثنائي القطب أو الاكتئاب الذهاني، تحال إلى الشرع والطب النفسي، والحق في الانفصال يكون بيد الزوجة، مشددا على أن الخضوع لفحص ما قبل الزواج ينهي كثيرا من المشكلات الأسرية.
ولفت إلى وجود فحص التوافق النفسي في الفترة الماضية الذي يعده مركز قياس أو التوافق الزوجي، ويهدف إلى التوافق بين الزوجين من خلال معرفة الطباع الشخصية لديهما، ووجود الراحة النفسية بين جميع الأطراف، والأمر لا يتعلق بشخص جيد وآخر سيئ، وإنما اختلاف طبيعة الشخصيات والمشاعر الإنسانية في الحب والتآلف والانسجام والتوافق.
وقال: إن هذا النوع من الفحص مهم يجب الاطلاع عليه وشرحه للزوجين لإرشادهما نحو المسار الصحيح، وقد لا تكون نتائجه دقيقة في الجانب النفسي ولكن يقدم بيانات للشريك عن شريك حياته المستقبلي وتشجيعه في المضي قدما في هذا الاتجاه.
مواجهة الأزمات السلوكية بين الشريكين
ذكر المحامي سعد العبنق، «إنه من خلال القراءة الأولية للنظام الأساسي للحكم في مادّته السابعة، وبعد التفكّر والتمعّن في سياسة هذه الدولة الكريمة المعطاءة -أعزّها الله- نجد أن دستورها ونظامها قائمان على شرع الله تعالى، وسنّة نبيه، الصالحين لكل زمان ومكان، ويعرف مقاصدهما من آتاه الله فقهًا وعلمًا، فمن يُرِد الله به خيرًا يفقهه في الدين. وقال إن اعتداء الزوج على زوجته ظلمًا وعدوانًا بعد فترة وجيزة من زواجهما، نتيجة المرض أو الإدمان، يجعل المطالبة بالفحص «مشروعة قانونيًا»؛ فهذا الطلب بعمومه موافق لمقاصد الشريعة لكونها متشوّفة لحفظ عقد الزوجية واحترامه، وعليه فالقاعدة الفقهية تقول: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» فاستمرار عقد الزوجية واجب ولا يتم إلا بعمل فحص للمقبلين على الزواج ليُكشف فيه من خلاله صالحهم وطالحهم.
تحديد سقف تكلفة الزواج
اقترح سلطان الخالدي ضرورة تحديد سقف لتكلفة الزواج، لمفاداة المغالاة في المهور والتخفيف من أعباء الشباب، قائلا «عندما تبلغ تكلفة الزواج نحو ربع مليون ريال ويتحمل الزوج ديونا وهو في مقتبل العمر ولا يمتلك الخبرة الكافية، فبالتأكيد النتائج ستكون كارثية سواء بالطلاق أو الاعتداء على الطرف الآخر أو غيرها نتيجة الضغط النفسي، والمحاكم خير شاهد». وتساءل «لماذا لا يكون هناك نظام ملزم بتحديد تكلفة الزواج؟»، مطالبا بحل المشكلة من جذورها، واعتبر في الوقت ذاته، أن الفحص يجب أن يشمل كل ما من شأنه الحفاظ على سلامة الأسرة.
كشف دوري لحماية نسيج المجتمع
طالب خالد العتيبي بضرورة إلزام العروسين بتقارير عن اجتيازهما الدورات الأسرية والتعامل مع الحياة الزوجية، وكذلك عن الصحة النفسية والكشف عن المخدرات، مشيرا إلى أهمية الفحص الدوري سنويًا للحفاظ على الأسرة. وقال: «على الأسرة أن تترك الخوف من المجتمع وتساهم في حل المشكلة من خلال الكشف عن وجود أي أمراض لديها إذ إن حياة الإنسان أهم من المجتمع».