وقال لانجلويس، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية: إنه بالنظر إلى لبنان بعد مرور الذكرى الأولى للانفجار الهائل الذي وقع بمرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي، يتضح أن النخبة السياسية قادت البلاد إلى الهاوية، ولكنه أكد أنه لا تزال هناك فرصة لإحداث تغيير إيجابي. وأضاف «إنه، للأسف، أضاع قادة العالم فرصة لدعم الشعب اللبناني والوحدة المجتمعية التي أعقبت انفجار بيروت، وإنه بينما انكفأ اللبنانيون على أنفسهم يداوون أحزانهم على أحبائهم ومنازلهم ومدينتهم المحبوبة، كان قادتهم والعالم ينظرون إلى حد كبير بلا مبالاة».
وفي الوقت الذي كان يطالب فيه الشعب بالإصلاح والثورة، اختارت النخب اللبنانية إعادة تسمية سعد الحريري في أكتوبر الماضي لتشكيل حكومة جديدة مع وعود بتنفيذ إصلاحات، وهي مزحة مثيرة للاشمئزاز لكثير من اللبنانيين الذين خرجوا في احتجاجات وأجبروه على الاستقالة قبل عام واحد، وظل الحريري، الذي يمثل النخبة السياسية، يخوض معارك مع الرئيس ميشال عون والأحزاب السياسية الرئيسية في لبنان من أجل تشكيل الحكومة لما يقرب من عشرة أشهر قبل أن يستقيل بعد فشله في التوصل إلى اتفاق، وبعد ذلك، تم اختيار الملياردير نجيب ميقاتي لشغل المنصب، بينما يواجه نفس التحديات، وكالعادة، فإن الصراع على السلطة، باعتباره وسيلة للبقاء، أهم من البلاد والعباد.
ويقول لانجلويس إنه في خضم كل هذا، واصل الاقتصاد اللبناني مسيرة الانهيار، وحذر البنك الدولي مؤخرا من أن كل مقياس اقتصادي يشير إلى كارثة، فقد وصلت قيمة الليرة في السوق السوداء إلى 18.325 ليرة لكل دولار، ووصل معدل البطالة إلى 40 %، وأصبح نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر، كما أن ما يقرب من 77 % من الأسر، وكذلك 99 % من عائلات اللاجئين السوريين لم تعد قادرة على تحمل تكاليف الطعام، وتراجعت واردات الدولة، التي تعتمد على الاستيراد، بنسبة 45 %، لأسباب من بينها الدمار الذي حل بالمرفأ.
وفي يوم الذكرى، خرج اللبنانيون من جميع الطوائف إلى الشوارع للاحتجاج على البطالة والفساد، ومعبرين عن رفضهم لهياكل السلطة، ولكن للأسف، قوبلت الاحتجاجات التي قادتها عائلات ضحايا انفجار المرفأ بالهراوات والغاز المسيل للدموع.
واعتبر لانجلويس أن ما حدث يعكس تماما الأزمة الجارفة التي يواجهها لبنان اليوم، الحكومة غير مهتمة إلى حد كبير بالمساءلة لأن الأطراف السياسية تدرك أن الإصلاح سيقوض مصالحها وسلطتها.
وقال لانجلويس: إن دول الخليج العربية ابتعدت إلى حد كبير عن لبنان في السنوات الماضية، بينما تواصل إيران دعم حزب الله. وتبدو فرنسا هي الأكثر اهتماما بتحقيق الاستقرار في البلاد اليوم، رغم أن جهودها اقتصرت على مؤتمرات المانحين والدعوات المتكررة للإصلاح، والتي يتم تجاهلها إلى حد كبير، ولا تزال بعض الجهود الجارية لمعاقبة السياسيين الفاسدين داخل لبنان وتجميد الأموال في سويسرا والاتحاد الأوروبي غير كافية.
واختتم لانجلويس تقريره محذرا بقوله: «وحتى يتم تكثيف مثل هذه الجهود، ويتم استخلاص الدروس من انفجار بيروت، سيستمر لبنان في الانهيار».