ولطالما أكدت المملكة انطلاقاً من حرصها على الشعب الأفغاني الشقيق أن تُعلي جميع المكونات الاجتماعية والقبلية، والأطياف السياسية، والمؤسسات المدنية والعسكرية داخل أفغانستان صوت الحكمة في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد، وأن يعملوا لتجنب منع تدهور الأوضاع الأمنية.
وتأمل المملكة ألاَّ يطول الوقت حتى يعود لأفغانستان أمنها واستقرارها وفق عملية سياسية تتسع للجميع ولا تقصي أحدا.
والمملكة كانت دائما حريصة على الأمن والاستقرار وحقن الدماء في أفغانستان من منطلق العلاقات التاريخية، والروابط القوية التي تربط البلدين الشقيقين، وامتدادًا لما توليه المملكة من اهتمام كبير بأمن واستقرار جميع الدول الإسلامية بلا استثناء.
وطوال العقود الماضية قدمت المملكة شتى أنواع الدعم والمساندة للشعب الأفغاني، تنمويا وإغاثيا وإنسانيا؛ منطلقة من دورها الإنساني تجاه هذا البلد الإسلامي العزيز.
ودعت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، حركة طالبان وجميع الأطراف الأفغانية إلى العمل من أجل إعلاء مصلحة الشعب الأفغاني وحماية الأرواح ونبذ العنف، وإحلال السلام الدائم لتحقيق تطلعات الشعب الأفغاني وآماله في الاستقرار والعيش الكريم والرفاهية. وأكدت متابعتها تطورات الأحداث في أفغانستان وأنها حريصة على استتباب الأمن والسلم بها في أسرع وقت.
وجددت الأمانة العامة التزام منظمة التعاون الإسلامي التام بدعم عملية السلام التي تقودها أفغانستان وتمتلك زمامها، مؤكدة وقوفها إلى جانب أفغانستان.
مشاهد مروعة
وفي مشاهد إنسانية مروعة ستبقى عالقة في الأذهان ولم تحدث في أي مكان بالعالم من قبل فإن الآلاف احتشدوا في مطار كابول الدولي بعد دخول مقاتلي حركة طالبان إلى العاصمة كابول، وعرضت لقطات تلفزيونية مشاهدة مروعة حيث يتسلق الشباب سلالم الصعود إلى إحدى الطائرات، فيما تشبث عدد منهم بطائرة عسكرية أمريكية لحظة إقلاعها بين مئات الأشخاص على المدرج وتحركت الطائرة بين الحشود فيما تعلق بها بحسب ما أظهر مقطع فيديو عدد من الشباب، وأظهر المقطع سقوط شاب من الطائرة على ارتفاع مئات الأمتار، فيما أظهرت مقاطع أخرى عددا من الجثث ملقاة على أرض المطار بعد أن أطلقت القوات الأمريكية النار، وذكرت مصادر إعلامية أن سبعة أشخاص لقوا حتفهم.
مجلس الأمن
وعقد مجلس الأمن الدولي أمس اجتماعا حول أفغانستان، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع الأطراف في أفغانستان إلى تزويد العاملين في المجال الإنساني بإمكانية الوصول دون عوائق لتقديم الخدمات والمساعدات المنقذة للحياة في الوقت المناسب.
وحث غوتيريش في كلمته خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة أمس، بشأن أفغانستان جميع الأطراف لا سيما طالبان على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لحماية الأرواح وضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية، مؤكداً أن العالم يتابع الأحداث في أفغانستان بقلق عميق. وأشار إلى أن الصراع أجبر مئات الآلاف على ترك منازلهم، حيث شهدت العاصمة تدفقاً هائلاً للمشردين داخلياً من المقاطعات في جميع أنحاء البلاد حيث شعروا بعدم الأمان أو فروا أثناء القتال، مذكرًا جميع الأطراف بواجبهم في حماية المدنيين.
وقال للمجلس المؤلف من 15 دولة عضوا «نتلقى تقارير تقشعر لها الأبدان عن فرض قيود صارمة على حقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد. أشعر بقلق بشكل خاص من الروايات التي تتحدث عن تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان ضد النساء والفتيات في أفغانستان». وأضاف «لا يمكننا ولا يجب أن نتخلى عن شعب أفغانستان».
طالبان تدعو
من جهتها، دعت حركة طالبان دول العالم للمساهمة في إعادة إعمار أفغانستان، وقال المكلف بتسيير أعمال وزارة الداخلية في حركة طالبان أحمد علي جان، في مقابلة مع العربية أمس، دول العالم مدعوة للمساهمة في بناء وتعمير أفغانستان، لافتا إلى أن بلاده عانت لمدة 40 سنة من الويلات والدمار.
كما دعا علي جان دول العالم لتحقيق السلام في أفغانستان، وتابع «أناشد العالم أن يذلل العقبات في طريق سلام هذا البلد وأمنه».
ترامب يتهم بايدن
واتهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلفه الحالي جو بايدن بـ«الاستسلام» لحركة طالبان في أفغانستان. وقال ترامب، أمس، إن بايدن دمر بسياسته الخاصة بأفغانستان «الثقة في قوة ونفوذ أمريكا» مدعيا أن تداعيات سحب القوات الأمريكية من أفغانستان تحت قيادته هو كانت ستصبح «مختلفة تماما».
كان ترامب مهد الطريق خلال فترة ولايته لانسحاب القوات الأمريكية عبر اتفاقية أبرمها مع حركة طالبان، وكان من المفترض وفقا لخطط ترامب أن يتم سحب هذه القوات في مايو الماضي لكن بايدن أرجأ الانسحاب مع تمسكه بخطة سلفه.
وكان بايدن أعلن سحب الـ 2500 جندي المتبقين في أفغانستان مع حلول الذكرى العشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وذلك قبل أن يتم تبكير هذا الموعد مؤخرا إلى نهاية أغسطس الجاري.
من جانبه، قال مستشار الأمن القومي السابق لترامب، جون بولتون، في مقابلة مع إذاعة (إن بي آر) أمس إن من المرجح أن ترامب كان سيتصرف على نفس النحو الذي تصرف به بايدن مشيرا إلى أن الأخير تمسك بالسياسة «الخاطئة» لترامب.
